دولة عربية شقيقة ابتليت بعدم الاستقرار السياسي والفساد فبلغ حجم الأموال المختلسة منها قرابة 400 مليار دولار أمريكي، هذا رقم فلكي حول المواطنين من أثرياء إلى فقراء، وفي بلد عربي آخر أدى عدم الاستقرار والفساد إلى فقدان المواطنين القدرة على الحصول على الكهرباء وكذلك عدم قدرتهم على الحصول على أموالهم المودعة في البنوك لأن كل أموال البلد تسربت إلى حسابات السياسيين الفاسدين في الخارج.
شعبنا ابتلاه الله بالاحتلال وبعض منا ساهم بحالة من عدم الاستقرار السياسي، وهذه بيئة خصبة لظهور الفساد والفاسدين والمختلسين، ويمكننا مشاهدة الثراء الفاحش دون أسباب مقنعة، وقد تم الكشف عن عمليات فساد واختلاسات بالملايين وما خفي أعظم، ونحن لسنا دولة نفطية وليس لدينا ثروات طبيعية ومع ذلك فإن الأموال التي تبخرت أكبر من طاقة شعبنا على التحمل.
وزيرة الخارجية السويدية انتقدت الفساد في السلطة الفلسطينية بعد اجتماع مع قادة السلطة في رام الله، وأعربت وزيرة الخارجية السويدية "آن ليندي" عن ترددها بخصوص المساعدات الاقتصادية السويدية للفلسطينيين معللة ذلك بأن انتشار الفساد يعيق الدعم السويدي للسلطة، وبدلا من أخذ التحذير على محمل الجد ومناقشته واتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الفساد خرج وزير فلسطيني يتهم حركة حماس بفبركة الخبر الذي تم نشره عبر إذاعة سويدية حكومية وليس على فضائية الأقصى.
جهات متعددة تحدثت عن أشكال الفساد الذي يعانيه شعبنا، ومن ذلك تخصيص موازنات لشركات وهمية مثل شركة الطيران ومشاريع لا وجود لها ورواتب خيالية، وهذا شيء لا يمكن إنكاره ولا يمكن للحياة أن تستمر بوجوده، لأن غالبية الشعب الفلسطيني ستصل في النهاية إلى ما دون مستوى خط الفقر والأسباب واضحة وليس من بينها أنها فبركات إعلامية كما يدعي الوزير المتذاكي.
السؤال الذي يطرح نفسه؛ لماذا اكتشفت وزيرة خارجية السويد فجأة أن أموال الدول المانحة لا تدار كما يجب وأن هناك فسادًا كبيرًا؟ والإجابة هي أن الاتحاد الأوروبي وكل الجهات المانحة يعلمون ماذا يحدث ولكنهم يتغاضون لأسباب متعددة وأهمها إعطاء فرصة لمنظمة التحرير لكسب الشارع على حساب المقاومة، ولكن حين ثبتت المقاومة وتمكنت وأصبحت عصية على الاجتثاث صار من غير الممكن أن يستمر تدفق الأموال من الدول المانحة للسلطة دون رقابة مع اضطرار الدول المانحة للإنفاق على غزة وإعادة إعمارها وتحسين أوضاع الناس فيها خشية من اندلاع حرب جديدة بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.
والسؤال الآخر الذي لا بد أن يجد إجابة؛ ما السبيل للخروج من هذه الدوامة؟ وإجابة هذا السؤال باختصار إعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية بانتخابات أو توافق ثم بعد ذلك إجراء انتخابات عامة؛ رئاسية وتشريعية وانتخابات الهيئات المحلية، وحينها فقط سنكون قد بدأنا باستعادة حالة الاستقرار السياسي ووحدة الصف ووضع حد للفوضى بكل أشكالها.