في (11) أكتوبر 2011م توصلت حماس و(إسرائيل) إلى صفقة تبادل أسرى برعاية مصرية، بعد خمس سنوات مكثها الجندي شاليط في الأسر بغزة. نحن الآن نعيش شهر أكتوبر ٢٠٢١م أي بعد عشر سنوات من التبادل، وخمس عشرة سنة من بداية الأسر الذي كان في ٢٥ يونيو ٢٠٠٦م، وكان عمر حكومة إسماعيل هنية لا يتجاوز ستة أشهر، اتُّهمت خلالها حماس بمغادرة المقاومة والتلهي بالحكومة.
ويبدو أن قادة المقاومة ردّوا على هذه الاتهامات عمليًّا بعملية (الوهم المتبدد) وأسر شاليط، الأمر الذي أخرس أصوات المناكفين لحماس، وأخبرت حماس العدو أن الحكومة لا تمنع المقاومة، بل إن الحكومة الوطنية هي التي تشرّع المقاومة وتسن القوانين الحامية لها.
في هذه الصفقة التي تعد الأكبر في تاريخ تبادل الأسرى مع دولة الاحتلال، خرج للحرية فيما عرف لاحقًا بصفقة (وفاء الأحرار) (١٠٢٧) أسيرًا من كل الطيف الوطني، فضلًا عن الأسيرات. كانت أجواء (٢٠١١م) عام ثورات الربيع العربي مناسبة للطرف الفلسطيني، وفيه قلق كبير للطرف الإسرائيلي، ويبدو أنه تحت تأثير وقائع هذا العام تمكّنت المقاومة من تحقيق ما تريد من صفقة التبادل.
ما تحقق كان جيدًا، بل عظيمًا، وأعطى أملًا للأسرى، وهم الآن بعد (٤٦٠٠) أسير. لم تتوقف المقاومة عن محاولات أسر جنود إسرائيليين لتحقيق تبادل جديد يفرج فيه عن عدد كبير من الأسرى، ومن المعلوم أن حماس تحتفظ الآن بأربعة أسرى من جنود العدو، وتجري مباحثات تبادل برعاية مصرية، ولكن هذه المباحثات لم تصل إلى حافة النجاح، وهذا يرجع في نظري لسببين: الأول أننا نفقد طقس (٢٠١١م) الضاغط على حكومة الاحتلال، حيث نعيش طقس التطبيع واتفاق أبراهام، والثاني أن صفقة شاليط تعرضت لانتقادات داخلية من الأحزاب اليمينية الرافضة لها، ومن ثمة وظفت هذه الأحزاب التشريعات في الكنيست لمنع أو عرقلة تبادل مماثل.
عائلة هدار جولدن تقول: إن عودة الأسرى أفضل عندها من تمرير الميزانية، وعليه طالبت أعضاء كنيست بعدم التصويت للميزانية قبل عودة هدار ورفاقه. وحماس تقول: إن عودة الأسرى الفلسطينيين لعوائلهم، واستعادتهم لحريتهم، أفضل عندها من العروض المالية والاقتصادية، رغم حاجة غزة إلى المال والاقتصاد.
معادلة التبادل معروفة للطرفين، وحجم التبادل شبه معروف لهما، وضعف حكومة بينيت وخشيتها من الانهيار يمنع تقدم صفقة التبادل، ولكن حماس لا يعنيها ذلك. المهم عند حماس هو صفقة مماثلة لصفقة شاليط، صفقة وطنية وذات مغزى، وهذه الصفقة هي في نظرنا تحصيل حاصل، والتأخير فيها لا مبرر له، إذ لا توجد حلول غير عقدِ اتفاق تبادلٍ مُجزٍ.
عقدُ تبادلٍ مُجزٍ الآن أفضل للطرفين من التأجيل.