"إن الرياض قد توافق على تطبيع علاقتها مع (إسرائيل)، لأن (إسرائيل) أسهمت في إحلال الاستقرار والسلام في المنطقة". هذا التصريح لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي عقد الجمعة في واشنطن.
إذا كانت (إسرائيل) قد أسهمت في إحلال الاستقرار والسلام في المنطقة، فمن ذا الذي يعمل ضد السلام والاستقرار؟! ثم إن المملكة شاركت مع غيرها من الدول العربية في حرب ١٩٦٧م وحرب ١٩٧٣م ضد (إسرائيل)، فهل كانت المملكة مخطئة لأنها حاربت طرفًا مسالمًا وباعثًا على الاستقرار؟!
هل من يحتل الأراضي الفلسطينية والعربية مصدر للسلام والاستقرار؟! هل من يتنكر للحقوق الفلسطينية، وللالتزامات في اتفاقية أوسلو، وللدولة الفلسطينية، وحق تقرير المصير هو منبع سلام واستقرار؟! هل الاستيطان اليومي المتواصل للأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين اليهود ينشر السلام والاستقرار في المنطقة؟! هل من يحاصر غزة ويمنع عنها الحياة الكريمة المستقرة، ويهدم أبراجها، ويمنع مصانعها من العمل، ويفسد تجارتها واقتصادها بشكل منظم ومدروس يبعث على الاستقرار والسلام في المنطقة؟!
غدًا يدخل أسرى الحرية في سجون الاحتلال في إضراب شبه شامل عن الطعام من أجل الحصول على معاملة إنسانية، مجرد معاملة إنسانية، في السجون، هل العزل الانفرادي ومنع النوم، مصدر سلام واستقرار؟!
ربما شعر الأمير بالسلام والاستقرار في بلده، ولكنا نحن في فلسطين لم نشعر قط بالسلام والاستقرار؟! حتى بعد أن اعترفت منظمة التحرير بـ(إسرائيل) وأبرمت معها اتفاقية أوسلو.
السلام الذي يشعر به الفرحان نحن لا نشعر به، ولا نلمسه واقعًا؟! الطيران الحربي والمسير يوميًّا في أجواء غزة في الليل والنهار، والاجتياحات الحدودية متجددة أسبوعيًّا، والقدس تحت التهويد والضم، والمسلمون في غزة لا يستطيعون الصلاة في المسجد الأقصى. مجرد الصلاة ممنوعة على غزة ومناطق أخرى في الضفة.
تاريخ العرب، وتاريخ المملكة عدَّ (إسرائيل) خنجرًا في ظهر الأمة العربية، وكيانًا غاصبًا وعدوانيًّا، وتاريخ المملكة ومنظمة التعاون الإسلامي مشحون بإدانات شديدة لدولة (إسرائيل)، فما الجديد الذي حصل ولا نعرفه حتى قال الأمير فيصل ما قاله؟! وهو قول مخالف للتاريخ وصادم للواقع.
(إسرائيل) كانت وما زالت دولة عدوانية، ودولة عنصرية، ودولة تهدد السلام والاستقرار لا بحروبها واحتلالها فحسب، بل وبامتلاكها أسلحة نووية تهدد بها العرب، ودول الشرق الأوسط؟! هذا تصريح غير موفق حتى ولو كان بغرض المناورة السياسية وتحقيق مصالح للدولة السعودية مع أميركا؟! ولأنه غير موفق، ومخالف لتاريخ المملكة، احتفت (إسرائيل) بالتصريح، وجعلته عنوانًا رئيسًا في إعلامها!