اجتمع أعضاء المكتب السياسي لحماس في القاهرة قبل بضعة أيام. الاجتماع كان الأول بعد انتهاء حركة حماس من انتخاباتها الداخلية ٢٠٢١م وتوزيع الملفات على قادة الحركة. الاجتماع في القاهرة كان مهمًا على المستوى الداخلي، وعلى مستوى السياسة وقضية الصراع.
قال موسى أبو مرزوق عضو المكتب: ناقش الاجتماع قضية القدس، وأوضاع قطاع غزة، والملفات الداخلية الفلسطينية، وقضية الأسرى. وستشهد الأيام المقبلة البدء بالمشاريع القطرية، وتلقينا وعودًا مصرية بتسريع عملية إعادة إعمار غزة.
ما لفت نظري في تصريحاته خلاف ما ذكرت قوله: لم نبحث إبرام تهدئة طويلة مع الاحتلال، ولا يوجد حراك في ملف المصالحة، (وإسرائيل) تضع عراقيل وعوائق في ملف تبادل الأسرى.
إننا إذا دققنا النظر في القضايا الثلاثة الأخيرة (التهدئة، والمصالحة، والأسرى) نجدها هي القضايا التي تطفو على سطح الخبر والحديث الإعلامي الفلسطيني والمحلي. في كل يوم يتحدث الإعلام عن الأسرى، وربما كان آخر ما نشر أن الطرف الإسرائيلي طلب تصوير توضيح لهدار جولدن وشاؤول، ومثل هذا الطلب يقتضي دفع الثمن، والثمن هو الأسرى من النساء والأطفال ومعتقلي صفقة شاليط. الطرف الإسرائيلي يراوغ ويرفض دفع الثمن، وحكومة بينيت تخشى على نفسها وبقائها من دفع الثمن، لذا يمكن القول إنه لا تقدم حقيقيًّا في هذا الملف، رغم الجهود المصرية لإحداث اختراق فيه، وعليه فالملف مرحّل لفترات لاحقة.
أما ملف التهدئة طويلة الأمد، فهي قضية طرحها الطرف الإسرائيلي في الإعلام، ولم يقدم رؤية واضحة أو مكتوبة لها للوسيط المصري، وحماس تتجنب الدخول في هذا الموضوع لاعتقادها أن الطرف الإسرائيلي يناور فيما يطرح، وهو يوظف ما يطرح كرسائل موجهة للغرب والرأي العام الدولي، لكي يبرر لنفسه ولهم استمراره في حصار غزة. ومن المعلوم أن حكومة الاحتلال هي من أخلت بتفاهمات التهدئة قبل معركة سيف القدس، وهي تحاول فرض معادلات جديدة على غزة من خلال تشديد الحصار. التهدئة طويلة الأمد لها حيثيات وشروط، وغزة تعرف ما تريد منها، والعدو يتجنب الحديث في الحيثيات والشروط.
أما ملف المصالحة وهو النقطة الأخيرة في مثلث النفي الذي ذكره أبو مرزوق، فهو ملف مؤسف على المستوى الوطني، والعلاقات الداخلية بين فتح وحماس، ولكن يبدو أن رئيس السلطة لا يرغب في تحقيق مصالحة مع حماس بشروط الشراكة والانتخابات، ويفضل استبقاء الوضع القائم، وتوظيف الانقسام والمصالحة سياسيًّا، للطعن في حماس، والتنصل من المسئولية عن غزة، لأن غزة تختار طريق المقاومة، وهو اختيار لا يلتقي مع اختياره، لا في منتصف الطريق ولا في آخره.
ما تقدم يعني أن اجتماع القاهرة لم يحدث اختراقات كبيرة، وأن ملفات القاهرة هي قيد العمل الإداري المعتاد، ولم تنضج بعد لتتحول التفاهمات فيها لقرارات.