أجمع سادة القوم على أنها امرأة زانية، وعلى خضرة أن ترحل هي وابنها عن الديار، ولمزيد من الشفافية والموضوعية، قدَّم أهل العقد والحل في القبيلة دليلين على ممارسة خضرة للفاحشة:
الدليل الأول: أن خضرة بيضاء البشرة، وكذلك زوجها رزق، فكيف تنجب ولدًا أسمر البشرة؟
الدليل الثاني: لقد تزوج رزق بثلاث نساء قبل خضرة، ولم يرزق من أيهن بولد!
وعجزت خضرة أن تثبت براءتها أمام القوم، ولم ينفع التوسل والرجاء، ولا المنطق والدهاء في التأثير على الرأي العام، الذي صار معبأً ضد خضرة، ولم يبقَ أمام خضرة إلا أن تحمل ابنها وعارها، وتخرج من قبيلة بني هلال مطرودة ذليلة.
ومرت الأيام ثقيلة على خضرة، فقد قررت عدم العودة إلى بيت أهلها، وأطنبت لدى إحدى قبائل العرب، وعهدت إليهم ابنها لتدريبه على كل فنون القتال، وحرصت على تنشئة واثقًا حازمًا صارمًا، حتى صار أبو زيد مضرب المثل في الفروسية والبأس والشجاعة والمهارة القتالية.
لقد ذاع صيت أبي زيد بعد أن فرض نفسه ندًّا في ميدان القتال، وطارت ببطولاته الأخبار، حتى غطت سماء قبيلة بين هلال، التي كانت تجوع إلى الفرسان، وتقدس حملة السيف، وترى بالخنوع والمذلة تدنيسًا للقيم والمبادئ، فظلت القبيلة العزيزة تسأل عن أصل الفتى، حتى جاءت الأخبار أن أبا زيد هو ابن خضرة، التي اتهموها بالزنا، وطردوها بالعار من الديار.
في تلك الأيام، تقدمت قبيلة بني هلال من الفارس أبي زيد، ترجوه أن ينتسب إليها، ليصير اسمه أبو زيد الهلالي، وتوسلوا إليه أن يعود إلى مضارب أهله معززًا مكرمًا وسيدًا.
وبعد طول تفكير، قال لهم أبو زيد: سأنتسب إلى قبيلة بين هلال، ولكن بشرطين:
الأول: أن تنادوا على أمي منذ اليوم باسم: خضرة الشريفة، تعويضًا لها عن الإساءة.
ثانيًا: أن تمشي الناقة التي ستحمل خضرة الشريفة على الحرير من هذا المكان وحتى مضارب بني هلال!
وبعد التشاور، وافق شيوخ القبيلة على شروط أبي زيد الهلالي.
فهل ما زالت غزة قوية، وتمسك بمقبض سيف القدس، وقادرة على قصف تل أبيب؟ أما زالت تواصل إعداد نفسها للمنازلة؟ وترتّب المفاجآت التي ستربك المخططات؟
إذا أثبتت غزة قدراتها القتالية، وتمكنت من تحالفاتها، وأوجعت عدوها، سيصير اسمها بعد المعركة القادمة غزة الشريفة، وسيحاول الكثير من القبائل التي أعابت على غزة نهجها، سيحاولون الانتساب إليها، والتمسح بذيل ثوبها، طمعًا بالتوبة، وأملًا أن ترضى عنهم الشعوب، وتغفر لهم هزائمهم وتذللهم وتنسيقهم وتعاونهم الأمني المدنس مع الأعداء.