ما من شك أن من جد وجد، ومن نام فقد ولم يجد، ولاذ بأماني لا تنفع، والله أمرنا بالعمل، فالحياة لمن يعمل، والغلبة لمن يعمل لها، والنصر لمن حقق شروطه، وتاريخ الإسلام والفتوحات الإسلامية تفيض علينا بالدروس والعبر، وحين دالت خلافة المسلمين العظيمة كان سقوطها بسبب غياب العمل الجاد للمحافظة على دولة الإسلام وتطويرها وتوسيعها.
هذه المقدمة لفتني لها متابعتي لدولة الاحتلال الصهيوني، التي غدت في غضون نصف قرن من نشأتها أقوى دولة عسكريًّا واقتصاديًّا في منطقتنا العربية، بل وربما في منطقة الشرق الأوسط برمته، وباتت هي قناة دول عربية عديدة لكسب رضا البيت الأبيض، والظفر ببعض مساعدات أميركا.
قادة دولة الاحتلال يعملون ليل نهار لخدمة دولتهم رغم ما في دولتهم من فساد أخلاقي ومالي، ويكاد جل رؤسائهم أن يكونوا فاسدين أخلاقيًّا، ويتحرشون جنسيًّا بنساء يعملن معهم، وآخر ما نشر في هذا المجال فساد (شمعون بيرس)، واعتداؤه على (كوليت أفيتال) عضو كنيست سابقة، بحسب ما صرحت به مؤخرًا للإعلام. ولكن أعمال بيرس كانت كبيرة لخدمة الدولة، ولعل من أهم أعماله أنه كان وراء القنبلة النووية الإسرائيلية!
قادة دولة الاحتلال فقدوا الطيار (رون أراد) في الثمانينيات فوق الأرض اللبنانية، وجل المتابعين لهذه القضية يعتبرون أراد قد مات، وهو مسجل في سجلات الدولة الرسمية أنه مفقود، وبالرغم من طول المدة الزمنية بين الفقد وبين حكومة بينيت القائمة فإن المعلومات التي تتحدث عن اختطاف الموساد الإسرائيلي للجنرال الإيراني (صبري) من سوريا للتحقيق معه حول قصة (أراد) يكشف أن قادة دولة الاحتلال يعملون بجد رغم تغلغل الفساد والباطل في مفاصل دولتهم في المستويات الشخصية، ولكنهم على مستوى خدمة الدولة والفكرة الصهيونية هم يتنافسون أيهم يقدم الأفضل!
ما أود قوله بربط المعلومات آنفة الذكر بعضها ببعض ليس مدح قادة دولة الاحتلال حاشا وكلا، ولكن أريد أن أقول لقادتنا الفلسطينيين والعرب، إذا لم تعتبروا بتاريخ قادة الإسلام والفتوحات، وعملهم الجاد والدائم، اعتبروا بما تشاهدونه من قادة دولة الاحتلال الذي يعملون للدولة بجد واجتهاد رغم أنهم غارقون في الفساد على مستوى حياتهم الشخصية!
الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.