مكمن القلق الإسرائيلي والعجز يبدأ من أرض الضفة الغربية، والمقاومة الفلسطينية في غزة، وما يجري من متغيرات بين فلسطينيي الـ 48، وتطور القدرة القتالية لحزب الله، والمفاعل النووي الإيراني، والتحالفات الاستراتيجية الإقليمية المقلقة.
أما مصدر الاطمئنان الإسرائيلي فهي تلك الأنظمة العربية التي تدور في فلك أمريكا، ووقعت الاتفاقيات والمعاهدات مع دولة الكيان، وهي تشكل ركيزة الأمن الإستراتيجي لدولة الصهاينة.
ما سبق من تلخيص لأولويات الرعب والقلق الإسرائيلي عرضه باحثون في معهد السياسة والاستراتيجية برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد، في تقرير مفصل، مع التوصيات المناسبة:
أولاً: فيما يتعلق بالضفة الغربية:
اعترف التقرير بتعاظم الخطر الإستراتيجي على دولة العدو رغم الارتياح الأمني الظاهر، وأكد التقرير هشاشة الهدوء الأمني في الضفة الغربية، واحتمال تدهور الأوضاع، لتصل إلى تصعيد شامل في كل لحظة، ويعتبر إحباط بنية حماس التحتية في الضفة الغربية من أهم الأنشطة التي تساعد قوات الأمن في الحفاظ على الاستقرار الأمني.
التقرير يوصي بتحسين الواقع المدني للسكان، بما يمنع التجنيد الواسع للجماهير لتشارك في الصراع ضد (إسرائيل)، وعلى (إسرائيل) تعزيز التنسيق والتعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية. وبهذه الاستراتيجية يمكن أن تمنع تصعيداً واسعاً في الضفة، ولكنها ليست بديلاً عن تسوية دائمة سياسية. غياب التسوية التي تقوم على أساس مفهوم الفصل، سيؤدي إلى واقع دولة واحدة
ثانياً: قطاع غزة
إن مصلحة الطرفين في هذه المرحلة هي احتواء التصعيد، وليس السير نحو جولة قتالية أخرى. ومع ذلك، فإن جهود حماس المتواصلة للإبقاء على الاحتكاكات في مستوى دون المعركة، يهدف إلى انتزاع إنجازات مدنية أكبر، قد تؤدي إلى معركة أخرى في وقت قريب، وهذا يفرض على (إسرائيل) الاستعداد لسيناريو تصعيد متجدد.
ثالثاً: الوضع الداخلي لفلسطينيي الـ 48
ويصف التقرير الإسرائيلي أن ما يجري في المجتمع العربي يتطور إلى تحدٍّ إستراتيجي، فالجريمة الواسعة، وانتشار الوسائل القتالية، وفقدان الردع (ولا سيما في الجنوب) كل ذلك يستوجب جواباً متعدد الأبعاد، فهناك إمكانية لانتقال الجريمة الجنائية إلى "جريمة أمنية"، وقد تجسد ذلك في معركة سيف القدس، حيث تعاظم الإحساس الوطني الفلسطيني، وعليه يجب تشجيع مشاريع غايتها تحسين وضع الجيل العربي الشاب، وتوثيق صلة المواطن العربي بالمجتمع الإسرائيلي والدولة.
رابعاً: حزب الله في لبنان
يواصل حزب الله ترسيخ قوته السياسية والعسكرية في لبنان دون عراقيل، ويواصل التزود بصواريخ دقيقة، وقدرات متطورة أخرى، إن تعاظم حزب الله برعاية الحكومة اللبنانية، وبدعم إيراني، يشكل تهديداً استراتيجياً غير مسبوق، وعلى (إسرائيل) أن تتخذ قراراً استراتيجياً؛ إما المبادرة إلى ضربة مانعة والمخاطرة بالتدهور إلى حرب، أو التسليم بقدرات نار دقيقة من حزب الله.
خامساً: إيران
ستتمكن إيران من استكمال ما ينقصها من منظومات التخصيب المتطورة، وستواصل تعزيز نفوذها الإقليمي، وتثبيت قدرات متطورة تشكل تهديداً شاملاً على (إسرائيل)، وستصير العراق واليمن ساحتين تتحديان (إسرائيل) بسيناريوهات التصعيد.
لمواجهة التحدي النووي الإيراني يستوجب تنسيقاً كاملاً مع واشنطن إلى جانب تطوير جواب عسكري يعزز الردع، ويؤثر في صيغة الاتفاق المستقبلي، بحيث يعطي جواباً لمطالب (إسرائيل) الأمنية، على (إسرائيل) قيادة معركة دبلوماسية في الساحة الدولية تبرز خطر إيران النووي على أمن المنطقة والعالم، وأن تضع إلى جانب ذلك كل الخيارات على الطاولة.
سادساً: التطورات الإقليمية
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أثر في مصداقية أمريكية في أوساط حلفائها الإقليميين، وهناك علامات استفهام على استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق وسوريا، إضافة إلى سعي واشنطن لتجديد الاتفاق النووي مع إيران، والشقوق في سور العقوبات على نظام الأسد، وغياب استراتيجية أمريكية واضحة، كل ذلك يحتم على حكومة (إسرائيل) العمل على بناء القوة القادرة على التصدي للتحديات الإقليمية.
التقرير يفضح قلق (إسرائيل)، وخوفها من القيام بأي عمل ضد تنامي قوى المقاومة في كل الساحات، وذلك خوفاً من التدهور إلى حرب شاملة، ويؤكد عدم وجود استراتيجية للقيادة الإسرائيلية تحدد هدف المعركة القادمة، والشكل الذي يوفر الأمن للمدى البعيد.