أزمة المشهد الفلسطيني المنقسم برامجيًا ألقيت على مفترق الطرق بين منظمة تحرير مختطفة مع ادعاء حصر التمثيل الشرعي وبين شارع فلسطيني متدافع نحو إحياء جسم هَرِم أم بناء مؤسسة جديدة تحظى بالتمثيل الحقيقي للفلسطيني وكذا بالشرعية السياسية. والحالة الفلسطينية بين مرحلتي النضال والتحرير بحاجة إلى إعادة بناء المؤسسة بعد سقوط تجربة التسوية ومسار أوسلو ومشروع حل الدولتين.
الحاجة ماسة إلى مؤسسة تمثل إطار وطني فلسطيني جامع لفلسطينيي الداخل والخارج وموحد كافة القوى والتوجهات والانتماءات، ولذلك تحديدا يسبق بناء المؤسسة اعتماد برنامج وطني سياسي جديد تمثل نقطة التقاء مع طموح شعب مستعد لدفع فاتورة التحرير كاملة غير منقوصة وتعتبر وثيقة الوفاق الوطني برنامج سياسي مقترح جدير بالدراسة مجددًا لتكن قاعدة لبناء هذا البرنامج الجامع وقد أكد شعبنا عبر ملاحمه كافة وآخرها سيف القدس حيث مازال يخوض النضال بكافة أشكاله وفي شتى أماكن تواجده أنه جدير بمؤسسة تليق به وتتبنى حلمه في التحرير والعودة وبناء الدولة المستقلة.
إن الشرعية الحقيقية والتمثيل العادل لا يتحقق بالاغتصاب والوهم التاريخي والزعم الخالي من المضمون وإنما بتحقيق عدالة التمثيل وطنيًا وجغرافيًا وحضاريًا وذلك ببناء مؤسسة تمثيل حقيقية، والبوابة العادلة لذلك هي الانتخابات حيثما وجد الفلسطيني.
مشروع الوهم الذي سقط بنهاية أوسلو وسقوط حل الدولتين وما يعرف اليوم بالسلطة الفلسطينية فقد انتهت إلى سراب كبير. ولكنها بعد إعادة الاعتبار تمثل جزء من هذا المشروع وليس كله فعلينا أن نضم الشتات الفلسطيني. والمؤسسة عادلة التمثيل (منظمة تحرير) مرجعية للسلطة وليس العكس وتمثل البيت الفلسطيني الجامع الذي غايته التحرر الوطني.
مثلت سيف القدس محطة هامة أبرزت التفافًا لافتًا حول مشروع التحرير وأحدثت تآكلًا متزايدًا في جسم منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية القائمة والمتهالكة والمختطفة من فريق لا يرى النضال الفلسطيني الا من بوابة المفاوضات والتنسيق الأمني ومشروع أوسلو الهالك. ومعركة مدافعة الشرعية مستمرة ولم تحسمها سيف القدس لأن خيال الحقل مسنود بعصا أمريكا و(إسرائيل) والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والذين أيضًا يخوضون معركة الحفاظ على مسار أوسلو.
مخرجات وتداعيات سيف القدس تجدد الأمل في بناء مؤسسة تمثيل فلسطينية عادلة على قاعدة الشراكة باعتبار القضية الفلسطينية وفي المركز منها القدس نقطة التقاء جامعة وباعتبار التكامل في أوجه النضال في مختلف الساحات وبأساس وطني جامع يمثل نقطة التقاء مركزية وعلى أساس "يا فلسطيني حيث كنت اركب معنا" مع حراك وطني شعبي في شتى الساحات الفلسطينية يساهم في عملية توحد متدرجة تكبر ككرة الثلج وتتسع للهم الوطني الكبير في التحرير والعودة.
غزة بما تحمل من إرث ورصيد وتحرر وجولات سجال فاقت الخيال واستقلالية قرار, قادرة أن تكون النواة الصلبة لهذا الحراك. ومشاريع الهيئة العليا لمسيرات العودة والغرفة المشتركة والحضور الوطني والفصائلي العالي تملك مقومات أن تمثل نقطة الانطلاق لمشروع عاجل اسمه منظمة التحرير عادلة التمثيل شرعية الحضور تعيد الاعتبار للمشروع الوطني التحرري لفلسطين الوهج الذي لا ينطفىء.