مع دخول الشهر الرابع للحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نفتالي بينيت، ما زال هذا الائتلاف يحافظ، على الأقل حتى اللحظة، على بقائه أمام التحديات التي تواجهها، على الرغم مما سيعترضه في قادم الأيام من إشكالات وتهديدات جدية، بسبب التباين القائم بين مكوناته المختلفة: سياسيا وأيديولوجيا ومصلحيا.
كان من الواضح من بداية تشكيل الائتلاف بعد طول عناء، أن القاسم المشترك بين مختلف الأحزاب المشاركة فيه هو إسقاط خصمهم اللدود بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة السابق، وزعيم المعارضة الحالي، وسيبقى هذا القاسم المشترك ماثلا أمام الحكومة القائمة ما دام الأخير على رأس حزب الليكود، إلا إذا جد في الأمور جديد، وأجرى الحزب انتخابات داخلية أطاحت به، في ظل تطلعات داخلية من منافسيه أمثال يسرائيل كاتس ونير بركات وآفي ديختر، ممن يتهمونه، ضمنيا، بالتسبب بخسارة معسكر اليمين للحكم، بسبب إصراره على البقاء زعيما للحزب.
لقد شهدت الشهور الأربعة الأخيرة جملة من التحديات الداخلية أمام الحكومة القائمة، وشكلت في مجملها تهديدات جدية على بقائها في صدارة المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي، ولعل اللافت أن يائير لابيد وزير الخارجية ووزير المالية أفيغدور ليبرمان، هما الأكثر حرصا على بقاء الائتلاف قائما، ربما بدرجة أكبر من رئيس الحكومة بينيت ذاته.
صحيح أنها لفتة غريبة، وقد تكون مستهجنة، لكن إذا عرف السبب بطل العجب، كما يقال، فرئيس الحكومة لا يختلف كثيرا في مواقفه عن معسكر اليمين عموما، وحزب الليكود خصوصا، فضلا عن كونه في سيرته الذاتية الحزبية كان يعمل تحت إمرة نتنياهو في بعض المراحل، ولذلك فقد لا يجد مشكلة في الانضمام لأي حكومة لاحقة قد تتشكل في حال انفض الائتلاف القائم.
أما لابيد وليبرمان فلديهما مشكلات شخصية تحول دون التساهل في انفضاض عقد الحكومة القائمة، فالأول بدأ عده التنازلي لتسلّم رئاسة الحكومة من خلال اتفاق التناوب مع بينيت، ويفترض أن يشهد عام 2023 تنازل بينيت عن مقعده في رئاسة الحكومة، كي يحل لابيد محله، ولا يخفى على الأخير أن رئيسه قد يغدر به، ويحرمه فرصة تولي رئاسة الحكومة بعده، وهي بالمناسبة فرضية سائدة في الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية، وعلى نطاق واسع.
أما ليبرمان، فإن ما حصل بينه وبين نتنياهو في سنوات ماضية قد لا يصلحه الدهر، من ثارات قديمة، وضرب تحت الحزام؛ ما يجعل انضمامه إلى حكومة جديدة يترأسها الأخير أمرًا متعذرًا جدًّا، قد تدفعه لأن يفضل البقاء في صفوف المعارضة، على أن يعمل تحت وصاية نتنياهو؛ ما يجعله أكثر تمسكاً بالحكومة القائمة.