قلنا، وقال غيرنا: المسجد الأقصى في خطر! يبدو أن هذا القول وغيره من مثله لم يعد يحرك وجدان من يستمعون له، وكأن المستمعين له من أهل المسئولية والقرار لهم أذن من طين وأذن من عجين، فهم يسمعون ولا يفقهون، والمهم عندهم مصالحهم الشخصية، وبطاقات الشخصيات المهمة، وآخر ما يهتمون به هو دينهم ومقدساتهم!
ماذا يعني أن تقرر (محكمة جزائية) في القدس بحق اليهود في الصلاة الصامتة في باحات المسجد الأقصى؟! ما الذي جرأ قضاة المحكمة على هذا القرار؟! وما هي تداعياته على وضعية المسجد الأقصى التاريخية؟!
إن الذي جرَّأ محكمة يهودية هي جزء من منظومة العدوان والاحتلال على التدخل في شؤون المسجد الأقصى نحن! أعني القيادات الفلسطينية صاحبة السلطة والقرار، ذلك لأنهم لا يهتمون جيدا ودينيا بالمسجد الأقصى، وينظرون له من منظور لا يتناسب ومكانته أول قبلة للمسلمين، وثالث الحرمين الشرفين. نعم، هم يتحدثون كثيرا عن المسجد الأقصى، ولكن لا يعملون له كما يتحدثون، وليست لديهم خطط محددة للمحافظة عليه خالصا للمسلمين، بغير تقسيم.
إن من يهمل الأقصى يعطى المحكمة اليهودية ضوءا أخضر للتدخل في شؤون المسجد، ويأذن لها باتخاذ قرار مبدئي بتقسيم المسجد بالإذن لليهود بالصلاة فيه صلاة صامتة! القرار صدر أول من أمس الثلاثاء. الصلاة الصامتة بداية الطريق، وليست نهايته، وهي خطوة تتلوها خطوات لا تتوقف إلا بالتقسيم الزماني والمكاني!
الصلاة الصامتة وغير الصامتة سواء عندنا؛ لأنها تعني تدخل اليهود في شئون المسجد وفي شئون ديننا، وهذا منافٍ للدين، ويهدد مستقبل الأقصى، والقادم أخطر، والذي يريد قراءة المستقبل عليه أن يحسن قراءة العنوان، فالعنوان يدل على المضمون، وهو أولى عتباته كما يقول أهل الأدب.
الخارجية الفلسطينية استنكرت قرار المحكمة، وتقول إنها بصدد تنسيق الخطوات مع الأردن، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وكأن الأمر جاء مفاجئا لها، ولهذه الأطراف، وهي الآن تبحث عن التنسيق! أين كنتم من أصوات المتابعين للشأن اليهودي، ولشئون المسجد الأقصى، الذين حذروا مرارا من الأخطار المحدقة بالمسجد منذ سنوات؟ هذه الأصوات التي تغار على الدين وعلى الأقصى كانت تطالب السلطة والنظام العربي والإسلامي بحماية الأقصى من التقسيم. القصة قديمة وطويلة، والخطر قديم، ولكن لا حياة لمن تنادي، لذا يجدر بالشعب الفلسطيني في (القدس، والضفة، وغزة، والداخل)، أن يحموا هم الأقصى، ويحبطوا قرار المحكمة، مهما كلفهم الأمر، لأن القادم بعد القرار أخطر، والصمت عن القرار أو استصغار شأنه جريمة أكبر، ومنظمات العرب والمسلمين لا تتحرك إلا إذا تحرك الشعب الفلسطيني. هذا قدرنا في أرض الرباط، والله المستعان.