قال رئيس الوزراء محمد اشتية في آخر جلسة للحكومة أمس: "أصدر الرئيس محمود عباس قرارين بقانون للشركات والاتصالات، وأن مجلس الوزراء سيتابع العملية التشريعية بأولوياتها، بما يحمي اقتصادنا الوطني، ويعزز قاعدته الإنتاجية، ويحمي الاستثمار والمستثمرين في كل القطاعات، وبجميع الأراضي الفلسطينية".
شعبنا الفلسطيني يتوق شوقًا إلى كل خطوة من شأنها تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أو بأي اتجاه كانت بشرط أن تكون خطوة صائبة وفي إطار القانون والدستور. الرئاسة ورئاسة الوزراء تشكلان السلطة التنفيذية، فعن أي عملية تشريعية يتحدث مجلس الوزراء ويعد بمتابعة أولوياتها؟ المجلس التشريعي معطل ولا يمكن إصدار تشريعات خارج إطاره، وأي قانون أو قرار يصدر عن الرئاسة لا بد أن يعرض على المجلس التشريعي لإقراره أو رفضه في أول اجتماع له، علمًا أن تعطيل المجلس التشريعي عملية مخالفة للدستور الفلسطيني، وتشكيل حكومة لا تحظى بثقة المجلس ليست دستورية، ولذلك فإن الأولوية ليست لإصدار قوانين خاصة بالشركات والمستثمرين والمنتفعين، وإنما الأولوية لاستعادة الدستورية للسلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، بانتخابات عامة وشاملة ونزيهة للرئاسة والتشريعي والمجلس الوطني ثم بعد ذلك الهيئات المحلية والنقابات والاتحادات من أجل خلق بيئة صالحة لحياة الشعب الفلسطيني وصالحة للتعامل مع كل التحديات التي تواجهه بدءًا بالاحتلال مرورًا بالاقتصاد والاستثمار وغير ذلك من قضايا ملحة.
يقول د. محمد اشتية أن القرارين الرئاسيين سيعززان القاعدة الإنتاجية لاقتصادنا ويحمي الاستثمار والمستثمرين في كل القطاعات وبجميع الأراضي الفلسطينية، أنا أعتقد أن الوضع الاقتصادي الفلسطيني المتدهور لن تنقذه القرارات لسبب بسيط هو أن الاستثمار في أراضي السلطة الفلسطينية مرتبط باتفاقية باريس ومرتبط بالاستقرار الذي تدمره دولة الاحتلال على مدار الساعة ويؤثر فيه الانقسام كثيرًا، ولذلك لا أعتقد أننا نمتلك القرارات أو العصا السحرية التي تغير هذا الحال ما لم نمتلك الارادة لتجاوز اتفاقية أوسلو وملحقاتها الاقتصادية وغيرها، وإنهاء الانقسام حتى يكون لدينا بيئة مناسبة لتحقيق أكبر قدر من أهدافنا ومنها الاقتصادية.
نحن نعلم أن المحتل الإسرائيلي استبدل الحل السياسي بالحل الاقتصادي، وعوضًا عن المضي قدمًا في تطبيق اتفاقية أوسلو والسماح بقيام دولة فلسطينية، هناك مساعٍ إسرائيلية حثيثة مدعومة من أمريكا ومن أطراف خارجية لإقناع السلطة الفلسطينية أو حتى الضغط عليها للموافقة على الحل الاقتصادي وأخشى أن تكون القرارات الفلسطينية المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار مرتبطة بمشروع الحل الاقتصادي الذي يرفضه شعبنا كما يرفض اتفاقية أوسلو والمبادرة العربية وكل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية.