في دولة الاحتلال حكومة ضعيفة، تماسكها هش، ويمكن أن تسقط عند أدنى خروج عن الخطوط العامة التي اجتمعت عليها مكوناتها العديدة. كراهية عودة نتنياهو للحكم يجلب لهذه الحكومة بعض الاستقرار، ويجلب لها إسنادًا من البيت الأبيض يحافظ على بقائها لمدة طويلة. فمثلًا أجل البيت الأبيض فتح قنصلية بلاده في القدس لما بعد إقرار الميزانية في (إسرائيل) خشية الإضرار بالحكومة وتعريضها للسقوط.
مصر أيضًا تحاول إسناد حكومة بينيت، لأنها لا ترغب بعودة نتنياهو للحكم. مصر دعت قيادة حماس لاجتماع مهم معها في القاهرة. قيادة حماس ذكرت أن لقاء وزير المخابرات المصري سيتناول ملفين مهمين: الأول التهدئة ومقتضياتها، والثاني الأسرى. الملفان لهما تأثير مباشر في بقاء حكومة بينيت أو انهيارها، ومن ثمة يمكن القول بأن يدي الحكومة مكبلتان باعتبارات البقاء والانهيار، بحسب قدرة المعارضة على الطعن في الأداء في هذين الملفين.
نقرأ في وسائل الإعلام الجديد بعضًا من التفاؤل في فرص إنجاز صفقة تبادل، ولكن هذا التفاؤل يلفه شك، بسبب سؤال القدرة: هل لدى حكومة بينيت القدرة على عقد صفقة تبادل أسرى تستجيب من خلالها لبعض مطالب حماس؟! جلُّ الإجابات تنفي وجود القدرة، ومن ثمة يمكن القول بأن ملف الأسرى ربما لا يشهد تقدمًا حقيقيًّا، رغم الجهود المصرية التي تبحث اليوم عن آلية عمل متدرجة في هذا الملف.
حماس تريد لمصر أن تنجح في هذا الملف لاعتبارات عديدة، وحكومة الاحتلال تريد أن تسترجع أسراها لتحقق لنفسها مزيدًا من الاستقرار، ولكنها لا تريد أن تدفع الثمن الذي تطالب به حماس! وعليه فالملف أمام معضلة بسبب غياب القيادة القوية في دولة الاحتلال. إن غياب قيادة قوية مثل رابين وبيغن يجعل القرار الإسرائيلي رهينة للتجاذبات الحزبية، وتعطيل الأحزاب الأكثر تعصبًا ورفضًا لمطالب حماس. ملف الأسرى يوشك أن يتعفن، وقد تتكرر عقد الطيار أراد، وعندها لا ينفع النادمين ندمهم. إما التبادل، وإما أراد، والكرة في ملعبهم، لا في ملعب المقاومة.