تكتسب زيارة وفد حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة أهمية خاصة، لكونها تناقش مع المسؤولين المصريين عددًا من الملفات التي يعلق الفلسطينيون آمالًا كبيرة في إحداث اختراقات كبيرة فيها، خاصة فيما يتعلق بشؤونهم الحياتية.
ولعل أبرز الملفات التي ستناقش هو ملف إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في حرب أيار الأخيرة، الذي طال انتظاره، إضافة إلى ملف رفع الحصار بالكامل، وإتاحة حرية الحركة والسفر عبر معبر رفح البري بلا قيود، والأهم من ذلك ملف التهدئة، وصفقة تبادل الـأسرى التي يأمل شعبنا عبرها الإفراج عن عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال، خاصة من أصحاب المحكوميات العالية.
إن وجود وفد حركة حماس في القاهرة بجميع أعضاء المكتب السياسي الذين يمثلون جناحي الوطن والخارج له دلالات كبيرة، خاصة أنه يتزامن معه عقد أول اجتماع للمكتب السياسي للحركة بعد إجراء الانتخابات.
ينظر شعبنا في أماكن وجوده كافة إلى هذه المبادرة المصرية بأهمية كبيرة في إحداث اختراقة مهمة لملفات طال انتظارها، لما لمصر الشقيقة من ثقل ووزن كبيرين ودور مهم في متابعة الشأن الفلسطيني.
غير أن ما يثير مخاوف الفلسطينيين وتوجسهم هو أن تمارس مصر الشقيقة ضغوطًا كبيرة على قيادة الحركة، لانتزاع مواقف تتعارض مع الثوابت الفلسطينية، ومنها حل معضلة غزة دون ربطها بالعمق الفلسطيني في الضفة والقدس ومناطق عام 1948.
إن هذه المخاوف لها ما يسوغها، خاصة أن هناك رغبة أمريكية في دعم هذا التوجه، ولإدراكهم أن غزة ومقاومتها صمام أمان لشعبنا في الضفة والقدس وفلسطين التاريخية، لما لها من دور في لجم الإجرام والتغول الإسرائيليين بحق شعبنا، ووقف عربدة المستوطنين وانتهاكاتهم المستمرة لحرمة المسجد الأقصى.
نأمل من مصر الشقيقة أن تراعي جيدًا حساسية الموقف، وعدم ممارسة ضغوط كبيرة تدفع إلى تنازلات مؤلمة على حساب حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة على أرضه دون قيود أو معوقات، لأن الفشل يعني العودة للمربع الأول، وهذا ما لا ترغب به جميع الأطراف.
نتوقع من مصر الحضن الدافئ للفلسطينيين أن تمارس دورًا يلبي تطلعات شعبنا إلى التحرر من الحصار الخانق الذي اكتوى بنيرانه منذ أكثر من 15 عامًا، وبدء عملية إعادة الإعمار، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على شعبنا.
إننا ندرك حجم الضغوط التي تمارسها على مصر الإدارة الأمريكية التي تسعى إلى إنهاء معضلة غزة، بحلول تحقق تطلعات وأمن دولة الاحتلال، على حساب حقوق شعبنا الذي يتوق إلى العيش بكرامة على أرضه.
لذلك إن مصر مطالبة بإحداث التوازن في التعامل مع الملف الفلسطيني، والضغط على الاحتلال لإبرام صفقة تبادل مشرفة، تقود لإنهاء معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، واتفاق تهدئة لا يشمل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة فحسب، بل يشمل أيضًا القدس والضفة والـ48، ووقف الانتهاكات المستمرة بحق المسجد الأقصى.
وفي خضم ذلك يتطلع شعبنا إلى أن تساهم الشقيقة مصر في إنجاح جهود إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي يعلق عليها شعبنا أملًا كبيرًا في إنهاء الانقسام وحالة التفرد بالقرار الفلسطيني.
كما نتوقع من مصر بذل المزيد من الجهود من أجل إعادة قطار المصالحة إلى سكته، مع إدراكنا صعوبة تحقيق ذلك، خاصة من السلطة التي اختارت لنفسها الاستمرار في المصالحة مع الاحتلال، والحرص على الاستمرار في تقديس التنسيق الأمني على حساب شعبنا ومقاومته وثوابته.
ثقة شعبنا كبيرة بإحداث اختراقات كبيرة في جميع الملفات، ولكن ليس على حساب الثوابت الفلسطينية، وأملنا كبير في أن يعود الوفد بنتائج إيجابية في كل القضايا المطروحة على طاولة البحث، لأن الفشل يعني عودة الأمور إلى نقطة الصفر غير المرغوب فيها، مع يقيننا بجاهزية المقاومة لتلقين الاحتلال درسًا يجبره على الانصياع لإرادة شعبنا وشروط المقاومة.