تصطف طوابير المواطنين الفلسطينيين من مختلف الأعمار على مقربة من أدراج المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضّفة الغربية، بانتظار حصولهم على حصص من الطعام والخبز الذي تقدّمه التكية التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية بالمدينة، والتي تعدّ جزءًا من الأبنية الملحقة بالمسجد الإبراهيمي.
وفي الوقت ذاته، تطفح القدور الكبيرة والعملاقة بكميات كبيرة من الطعام الذي يجري إعداده على أيدي طباخين يعملون في هذا المكان منذ عشرات الأعوام.
يقول الطباخ عمار الخطيب أحد أقدم طباخي التكية لـ"فلسطين": إنّ التكية تقدّم آلاف الوجبات المطهوة من اللحوم والدواجن يوميًا خلال شهر رمضان المبارك، إضافة إلى الخبز، لكل من يطرق بابها.
ويشير إلى أنّ عمل التكية لا يقوم على أيّة قوائم أو أسماء محدّدة، لأنّ العرف في هذا المكان يقضي بإعطاء الطّعام لمن يرغب من النّاس، بغضّ النظر عن حاجته أو رغبته في الحصول على الطعام لأجل ما يراها كثيرون بالبركة التي تحلّ عليهم وعلى عائلاتهم.
وحول تاريخ التكية، يقول الخطيب إنّها كرامة لنبي الله إبراهيم عليه السلام، الذي كان يكرم ضيوفه القادمين إلى مدينة الخليل، ويرفض تناول الطعام إلّا بعد أن يتناولوا هم الطعام، مشيرًا إلى أنّ القائد صلاح الدين الأيوبي أسسها في هذا المكان، ومنذ ذلك التوقيت تعمل حتّى هذه اللحظة، ويتمسّك أهل الخليل بإحيائها، انطلاقًا من القناعة التي تقول إنّ الخليل المدينة التي لا يموت فيها جائع.
وفيما يتعلّق بآلية العمل في هذا المكان، يقول الخطيب: إنّ الطباخين وطاقم العمل في التكية يؤدّون في كلّ يوم صلاة الفجر داخل المسجد الإبراهيمي، ومن ثمّ ينزلون إلى التكية، ويبدؤون العمل وتحضير الطعام.
ويبين أنّ التكية تقدّم طيلة أيام شهر رمضان المبارك وجبات إمّا من اللحوم أو الدواجن لمرتاديها، الذين يجري صبّ الطعام لهم في أوانٍ يحضرونها لهم ولعائلاتهم، مبينًا أنّ التكية تشهد خلال الشهر الفضيل إقبالًا زائدًا من جانب المواطنين للحصول على الطعام، وبالمقابل تشهد ازدحامًا من جانب المتبرعين من أهل الخير لرفدها بالأموال والتبرعات العينية.
ويشير إلى أنّ كثيرين من أصحاب رؤوس الأموال يتبرعون للتكية بيوم إطعام يكلّف عشرات آلاف الشواكل.
وتقول إحدى المواطنات (طلبت عدم نشر اسمها) من مرتادي التكية لـ"فلسطين": "ظروفنا صعبة، نأتي هنا لنحصل على ما تيسّر لنا من الطعام، ولولا هذه التكية لكنّا في حال أسوأ"، وتشير إلى أنّها تحصل وأفراد عائلتها على ما يحتاجونه من طعام وخبز خلال شهر رمضان المبارك.
مسنّ آخر يتوقف في الطابور وهو يحمل وعاء متوسّطًا، يقول لـ"فلسطين" بعدما اشترط عدم ذكر اسمه: إنّ هذه التكية تستهدف إعانة النّاس في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، مشيرًا إلى أنّ أحوال المواطنين الاقتصادية صعبة، ويلقون في هذا المكان لقمة عيشهم وأطفالهم.