فلسطين أون لاين

جرائم الاحتلال ومنهج "أوسلو".. الشعب ضاق ذرعًا فأشعل "فتيل" انتفاضة القدس

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

عكست "انتفاضة القدس" عام 2015 ثورةً فلسطينية عارمة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ورسالةً لأصحاب منهج "أوسلو"، بأن شعبنا ضاق ذرعًا بنهجهم التفاوضي العبثي، فلم تعد الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة إلى الاستقرار منذ ذلك التاريخ، وبقيت مهيأة للانفجار في أي لحظة، كما يؤكد محللان سياسيان.

وبدأت "انتفاضة القدس" أو "انتفاضة السكاكين" في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بموجة احتجاجات شهدتها الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، شملت تنفيذ الثائرين عمليات طعن فدائية لجنود الاحتلال ومستوطنيه، ضد جرائم الإعدامات الميدانية للمواطنين الآمنين، تزامن ذلك مع عدوان جوي على قطاع غزة الذي استبسلت مقاومته في الدفاع عن فلسطين.

ثورات ضد الظلم

المحلل السياسي ساري عرابي أرجع اندلاع "انتفاضة القدس" إلى ثورة أبناء الشعب الفلسطيني ضد اقتحامات الاحتلال ومستوطنيه اليومية ضد المسجد الأقصى وجرائمه في القدس والضفة الغربية المحتلتين، مشيرًا إلى أن ارتباط تسمية الانتفاضة بالقدس يعود إلى أول عملية طعن نُفذت داخل المسجد المبارك.

ففي الثالث من أكتوبر 2015، طعن الشهيد مهند الحلبي مستوطنًا في باب الأسباط ببلدة القدس القديمة، ثم سيطر على سلاحه وأطلق النار في كل الاتجاهات، ما أدى لوقوع قتيلين وثلاثة جرحى إسرائيليين.

وأضاف عرابي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن أبرز أسباب اندلاع الانتفاضة أيضًا، جريمة إحراق المستوطنين عائلة دوابشة، التي كانت محركًا رئيسًا للانتفاضة، لكونها جاءت امتدادًا لعربدتهم في الضفة الغربية، إلى جانب عملية "إيتمار" التي نفذها مقاومون يتبعون لحركة حماس.

وكان المستوطنون قد أحرقوا في 31 مايو/ أيار 2015 عائلة دوابشة في محافظة نابلس، ما أدى لاستشهاد الرضيع علي (18 شهرًا)، وإصابة والديه وأخيه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة، واستشهد لاحقًا رب الأسرة سعد دوابشة، وربتها ريهام.

تلا ذلك مقتل مستوطن وزوجته في عملية إطلاق نار نفذها مسلحو كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على سيارتهما قرب مستوطنة "إيتمار".

ولفت عرابي إلى استباق الانتفاضة، العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، الذي تخلله رد نوعي من مقاومتها، وهو ما شكل رافعة معنوية وتعبوية لأهل الضفة الغربية، إضافة إلى الأسباب السياسية من انسداد الأفق السياسي للسلطة، ويئس المواطنين من مشروعها التفاوضي العبثي مع الاحتلال.

ويرى أن "انتفاضة القدس" مرحلة من المراحل الطبيعية لمقاومة شعبنا المستمرة ضد الاحتلال، وجزء من الهبات الشعبية التي تندلع بين الفينة والأخرى، تكريسًا لرغبة شعبنا في التخلص من المحتل، وحفظ كرامته واستعادة أرضه ومقدساته.

ولفت إلى أن حصار الاحتلال المطبق للضفة، وعدم وجوده داخل المدن، ألغى إمكانية احتكاك المقاومة المباشر معه، إلى جانب عدم تأييد السلطة فكرة مواجهته، بل إنها تواصل التنسيق الأمني معه لملاحقة المقاومين، ما أوجد بيئة صعبة جعلت المواطنين يتبنون أي انتفاضة أو هبة ضدهما.

رفض سياسة التسوية

ورأى المحلل السياسي سامي علقم أن "انتفاضة القدس" جاءت نتيجة استمرار جرائم الاحتلال ومستوطنيه، وأوصلت رسالة قوية للمحتل والعالم أن شعبنا موجود، وفي أي لحظة يمكنه أن يهب في انتفاضة جديدة.

وبين علقم في حديث لـ"فلسطين" أن العدوان على غزة عام 2014 والحصار المفروض عليها منذ نحو 15 عامًا، كانت من أهم المحركات لشعب الضفة للانتفاضة، معتبرًا أن الانتفاضة مثلت "رسالة لموقعي اتفاق أوسلو بأن شعبنا سيرد على أي اعتداء أو جريمة إسرائيلية".

وأشار إلى أن الجريمة المروعة التي ارتكبها المستوطنون بحق عائلة دوابشة زادت من حنق الفلسطينيين، عدا عن أن انتهاكات الاحتلال اليومية جعلت الوضع قابلًا للانفجار بالضفة في أي لحظة، منبهًا إلى أن عدم احتضان الانتفاضة رسميًّا، واستمرارها كعمل غير مخطط له، حال دون قدرتها على الاستمرار، خاصة مع عدم دعم السلطة لها، بل ومشاركتها في وأد عدد من العمليات الفدائية بالتنسيق الأمني.

وأعرب عن اعتقاده بعدم استطاعة أحد على كبح جماح شعبنا إذا انفجر، فرغم كل الإجراءات الأمنية للسلطة والاحتلال إلا أن ذلك لم يمنع الجماهير الفلسطينية من التفاعل والمساهمة في معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة في غزة دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى، في مايو/ أيار الماضي.

المصدر / فلسطين أون لاين