المواطن العربي في غالبية أرجاء الوطن العربي غير آمن على دمائه ولا على أمواله، فهي مستباحة مع وقف التنفيذ، ولما يحين الوقت تظهر الحجج والذرائع الملفقة، وقد شهدنا مجازر كثيرة ضد الأبرياء بحجة التطرف والإرهاب ومحاولة الانقلاب على الأنظمة، وشهدنا كذلك مصادرة المليارات لأثرياء وغير أثرياء في أرجاء الوطن العربي بتهم مثل الفساد وتبييض الأموال والعمل لمصلحة منظمات "إرهابية"، وذلك يحدث لأن المواطن من وجهة نظر الحاكم لا قيمة له، يمكن قتله وسجنه، فضلًا عن مصادرة أملاكه.
نشرت وسائل إعلام أجنبية خبرًا مفاده أن السودان صادرت أموالًا تخص حركة المقاومة الإسلامية حماس، أموالًا منقولة وغير منقولة، ولكن الخبر لم يتداول في السودان وهي صاحبة الشأن، وقد نفته حركة حماس جملة وتفصيلًا، ولكن اللافت هو تفاعل شخصيات محسوبة على منظمة التحرير مع الخبر غير المؤكد بطريقة تصيبك بالغثيان، إذ طالب الوزير أحمد مجدلاني بتحويل الأموال المصادرة إلى خزينة السلطة الفلسطينية مع مباركته قرار المصادرة، وكذلك فعل آخرون في منظمة التحرير.
إن مباركة وزير في حكومة اشتية قرار مصادرة أموال حماس تعني أن الوزير يؤيد توجيه تهمة الإرهاب لحماس، تساوقًا مع موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائها، ويعني أيضًا أنه لا نية للمصالحة لدى قادة منظمة التحرير الفلسطينية أو -على الأقل- جزء منهم، وإن ادعوا ذلك في أكثر من مناسبة، هم لا يريدون المصالحة، بل كلما أتيحت لهم الفرصة ألّبوا على حركة حماس، مع تأكيدنا أن القصة كلها ملفقة، ومع ذلك تحركوا، لأن هناك شخصيات "قيادية" لا تتحرك إلا عند ذكر المال والأعمال و"البزنس".
إذا كان المجدلاني حريصًا على توفير المال للشعب الفلسطيني، أو حماية المال الفلسطيني؛ فإنني أطالبه وأطالب كل من سال لعابه على أموال حماس المزعومة في السودان بأن يبحث عن مليارات منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي فعلًا أموال الشعب الفلسطيني، وجمعت على مدار عشرات السنوات من عرق الموظفين في الخارج، ومن تبرعات المناصرين للقضية الفلسطينية، فأين ذهبت مليارات منظمة التحرير؟! لماذا يهدر المال العام في موازنات وهمية مثل مخصصات مؤسسات منظمة التحرير غير الخاضعة لرقابة السلطة الفلسطينية أو المجلس التشريعي الفلسطيني؟! لماذا تهدر أموال الفلسطينيين بمنح رواتب ومصروفات خيالية لفئات تعمل في إطار السلطة الفلسطينية دون حساب؟! من يرِد البحث عن أموال الشعب الفلسطيني واسترجاعه يمكنه ذلك، إن توافرت النية والإرادة والسلامة من الفساد.