فلسطين أون لاين

الضفة تُجدِّد روحها وأنشطتها

بعد أن طفح الكيل ولم يعد في القوس منزع قررت الضفة الغربية فيما يبدو تجديد أنشطتها الساخنة في مقاومة الاحتلال والاستيطان. عاشت الضفة الغربية فترة طويلة تنتظر وعود محمود عباس بالدولة والسيادة ورحيل الاحتلال، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث، وكل المعطيات تقول إنه لن يحدث، ولن تظفر فلسطين بالدولة ولا بتقرير المصير، ما دامت قيادة السلطة تخضع للمحتل وتستجدي منه رواتب الموظفين وبطاقات الشخصيات المهمة لتسهيل سفر القيادات داخليًّا وخارجيًّا. المواطن العادي في الضفة ملَّ الانتظار، ولم يعد يثق بغير البندقية والمقاومة. المقاومة هي الطريق الأقصر للدولة وتقرير المصير.

أحداث فجر الأحد ٢٦ سبتمبر ٢٠٢١م في جنين، وفي القدس، تثبت لكل صاحب بصيرة أن الفلسطيني مصر إصرارًا قويًّا على العمل لأهدافه الوطنية الكبرى، ولن يثنيه التنسيق الأمني، ولا عظم التضحيات عن مواصلة طريق ذات الشوكة، التي هي أقصر الطرق، والتي هي طريق المجاهدين والثائرين عربًا وعجمًا، مسلمين وغير مسلمين، قديمًا وحديثًا.

نعم، قدَّمت المقاومة أمس خمسة شهداء عظام، ولكنها أوجعت العدو بإصابة ضابط وجندي إصابته خطِرة، ضابط وجندي من فرقة دوغدوفان، الفرقة الأكثر تدريبًا، وجرأة في اقتحام المخيمات الفلسطينية. المقاومة هزّت ثقة جنود الاحتلال بأنفسهم وبقيادتهم، وعلمتهم أن الدخول لجنين وغيرها لم يعد نزهة، بل هي طريق الخطر والدم والألم. أن يتصدى المقامون للجنود في فجر الأحد، متغلبين على كمين أعده المحتل لهم، هو أمر في غاية الأهمية يدل على يقظة المقاوم الفلسطيني، كما يدل على شجاعته وازدرائه للمقاتل اليهودي. ما حدث في يوم الأحد شيء مهم على مستوى الرؤية الإستراتيجية والعمل اليومي الميداني، ومن ثمة هاجمت قيادات كبيرة أداء قادة الجيش ورئيس الحكومة، ومن ثمة ذهب كوخافي لتعظيم إنجاز الفرق الخاصة بأنها تمكنت من منع هجمات كبيرة كانت ستطال القدس وتل أبيب؟! هذه التطمينات لم تلقَ أذنًا صاغية في الصحف العبرية التي تناولت الحدث بالتحليل والتعليق.

غزة تريد الحرية وتقرير المصير، والضفة تريد الحرية وتقرير المصير، فالهدف الواحد يجمع الضفة وغزة ويوحدهما، حيث فشلت مفاوضات المصالحة، وغزة اختارت المقاومة طريقًا وسبيلًا للوصول إلى الأهداف الوطنية، والضفة كان هذا خيارها قبل أوسلو، وهو اليوم خيارها بعد أن فشلت أوسلو، ولعب العدو على سياسة مسئولية غزة ما هو إلا لعب مكشوف، والاحتلال هو المسئول الأول والأخير عن كل عمل مقاوم يحدث في الضفة والقدس، بعد أن طفح الكيل، وملّ الشعب وعود عرقوب.