في شهر سبتمبر من كل عام يقف رئيس السلطة محمود عباس أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلقي كلمة فلسطين، ويحدد سياساته حول قضية فلسطين. ربما لا يجد من يراجع خطاباته أمام الجمعية منذ عشر سنوات اختلافًا كبيرًا بينها، بل ثمة تشابه كبير جدًا بينها، هو يتحدث فيه عن تمسّكه بالسلام، ويطالب (إسرائيل) بالانسحاب، ويطالب المجتمع الدولي بمساعدته في تحقيق هذا الهدف، ويشرح بعضًا من سياسات (إسرائيل) المتمردة على القانون الدولي، والتي لا تستجيب لحل الدولتين.
الرئيس في هذه المرة ذكر المجتمع الدولي أن (٧٣) عامًا مرت على نكبة فلسطين، وأن المجتمع الدولي لم يجد لها حلا. والجديد فيما قاله أمران: الأول أنه إذا رفضت (إسرائيل) حل الدولتين على حدود ١٩٦٧م، فإنه ثمة قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة برقم ١٨١ وهو يعطي الفلسطينيين ٤٤٪ من مساحة فلسطين، أي ضعف أراضي ١٩٦٧م. وكأنه يود القول إننا سنذهب للمطالبة بقرار التقسيم؟! أو قل لست أدري لماذا ذكر قرار التقسيم؟
والثاني أنه أعطى (إسرائيل) عامًا واحدًا من الآن لتنفيذ حل الدولتين والانسحاب من الأراضي المحتلة في عام ١٩٦٧م، وطالب المجتمع الدولي بمساعدته في ذلك، فإذا لم يتم ذلك فلماذا يبقى الاعتراف الفلسطيني (بإسرائيل) على حدود 1٩٦٧م قائمًا؟! ويفهم من هذا الكلام أنه يهدد بسحب اعتراف منظمة التحرير (بإسرائيل)، فهل هذا التهديد يمثل سياسة جديدة، أم هو للاستهلاك المحلي؟!
إن مقاربة التهديد يكشف أن جل الفلسطينيين في الداخل وفي الخارج يطالبون السلطة وعباس بسحب اعتراف المنظمة (بإسرائيل)، لأن الفلسطيني لم يحصد شيئًا مقابل هذا الاعتراف، (وإسرائيل) تواصِل الاحتلال، وتمنع قيام دولة فلسطينية. وعباس يجد نفسه تحت ضغوط فلسطينية قوية مع تمادي الفشل في مشروع الدولتين ومشروع التفاوض برمته، وعليه فإما أن عباس يريد أن يحتوي هذه الضغوط بالتعبير عنها وكأنه يتبناها، وإما أنه ملّ الواقع القائم فأراد أن يبحث عن مخرج يختم به حياته. فإن كان الثاني هدفه فهو لا شك سيجد احترامًا من الشعب. وسيجد الشعب مخرجًا وبديلًا أفضل لتحقيق أهدافه الوطنية.