خديعة جديدة ومسرحية هزلية تشبه "مسرحية الجحيم" للكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر يتقمصها رئيس السلطة محمود عباس, فالانتخابات بالنسبة له تبدو كحجر نرد يقدمه متى شاء وانى شاء وكيفما شاء.
هذه المرة يقدم عبر حكومته - ذات اللون الواحد - ورقة الانتخابات القروية مختزلا بذلك الإرادة الشعبية الجامعة بالعملية الديمقراطية الشاملة بشكل هزلي لانتخابات لا هي بانتخابات ولا حتى شبه انتخابات.
هذه الانتخابات تمثل بكل الثقافات وبلغة العقل والمنطق وبعين البصر والبصيرة استخفافا واضحا بالمكونات السياسية والفكرية والمجتمعية الفلسطينية وحتى بالمجتمع الدولي بأسره.
عباس الذي الغى انتخابات مشابهة قبل أعوام بعد طعون على قوائم فتح الانتخابية وهو ما يتيحه القانون والقضاء والغى من بعدها الانتخابات الوطنية التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني خوفا من الشعب الذي بدا عازما على اسقاطه واسقاط نظامه السياسي برمته ها هو اليوم يدعو لانتخابات بمقاييس ومعايير وأشكال خاصة مخالفا كما كل مرة الانسجام والتناغم الوطني.
إن هذه الانتخابات تكرس الانقسام وتعمق الخلاف وتجذر الفصيل السياسي الواحد والحاكم الأبدي الذي يرى من قصره العاجي المصلحة من حيث لا يرها الشعب.
ولكن ما هي الأسباب التي دفعت بعباس وحكومته للدعوة لانتخابات قروية بشكل مفاجئ ؟
يريد عباس من جديد أن يحرف البوصلة عن حالة الوحدة والاجماع الشعبي خلف الخيارات الوطنية سواء الأسرى أو ما استجد في قضية اللاجئين أو المقاومة بأشكالها في بيتا وجنين وغزة أو ملف الحصار الذي بدأت حلقاته تتكسر بعد ضربات سيف القدس.
ويريد كذلك أن يشغل الرأي العام عن فضيحة انتهاكات حقوق الانسان في الضفة واستهداف النشطاء والمعارضين السياسيين وعن سياسة الباب الدوار والتنسيق الأمني الذي تجسد بأبشع صوره بعد عملية نفق الحرية.
الانتخابات التي يريدها رئيس السلطة لا بد أن يفوز بها فصيله ومكونه السياسي وإلا فلا انتخابات ولا صندوق اقتراع ولا عملية ديمقراطية .
ولكن لو أجريت الانتخابات حتى القروية من يضمن للمرشحين ألا يكون مصيرهم كالمرشح الانتخابي والمعارض السياسي نزار بنات الذي دفع ثمن ترشحه للانتخابات التشريعية من خلال اغتياله على يد السلطة.
لا احد يضمن دمه أو حريته أو وظيفته, والتجارب كثير والشواهد حاضرة.
خلاصة القول إن رئيس السلطة محمود عباس غير جاد بأي انتخابات بلدية أو سياسية شاملة, وهو نموذج للدكتاتور الذي جسدته مسرحية "الجحيم" وأن الألى من الانتخابات القروية يجب أن يكون إجراء انتخابات سياسية تفرز قيادة جديدة يرغب بها المواطن ليخدم الوطن لا أن يخدمها المواطن والوطن كما يراد لها اليوم أن تكون.
وإن أي انتخابات هزلية يشارك بها أي أحد من المكونات بمعزل عن الإرادة الجامعة وبشكل مجتزأ بهدف البقاء في حضن منظمة التحرير والقيادة المتفردة بالقرار بغرض الكسب المالي والتنعم الحرام من خيرات الوطن سيلفظه الشعب وسينكره الوطن.