فلسطين أون لاين

الثمانينية حميد تنتظر احتضان ابنها قبل مفارقة الحياة

...
صورة أرشيفية
غزة/ جمال غيث:

تستند إلى كرسي خشبي ووجهها يمتلئ بالتجاعيد لما أصابها من أمراض بعد اعتقال نجلها ناهض حميد وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، أمضى منها 14 عامًا في سجون الظلم والقهر الإسرائيلي.

تلتقط الثمانينية جبرة حميد، أنفاسها بصعوبة والدموع تتلألأ في عينيها حزنًا على فراق نجلها "ناهض" وخشيتها أن تفارق الحياة قبل أن تحتضنه محررًا.

وتعود الأم إلى الوراء قبل 14 عامًا، مستذكرة لحظة اعتقال نجلها "ناهض" فجر الـ12 من يونيو/ حزيران 2007، لتقول: قبل أن يُعتقل من منزلنا شمالي شرق مدينة بيت حانون شمالي قطاع غزة، وقبل أن يُقتاد من جيش الاحتلال، احتضنني بقوة وقال لي: "لا تقلقي يا أمي، سأعود فنحن من سيبقى والاحتلال سيزول".

وكلما تقدمت الأيام يزداد خوف حميد من عدم الالتقاء بنجلها، بسبب تراكم الأمراض عليها وخضوعها مؤخرًا لعملية جراحية في القلب ما ينذر بحسب "الأم" بدنو أجلها.

وعلى الرغم من تردي أوضاع حميد الصحية، تصر على مشاركة أهالي أسرى قطاع غزة في اعتصامهم المقام كل يوم اثنين من كل أسبوع، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كي ترسل رسائل شوق ومحبة لابنها المعتقل في سجن "نفحة" الصحراوي.

وتحاول الأم جاهدة ألا تترك وسيلة إعلامية حضرت لتغطية اعتصام أهالي الأسرى، إلا أن تكون لها كلمة، أو توصل صورتها لابنها بأنها لا تزال على العهد وبانتظار يوم تحرره رغم تكالب المرض عليها.

وتستجمع حميد قواها وهي تتحدث لصحيفة "فلسطين": "نفسي أزور ناهض وأطمئن عليه، فمنذ نحو أربعة أعوام، لم أتمكن من زيارته بسبب إجراءات الاحتلال الذي حرمني من زيارته وما زاد الأمر صعوبة جائحة كورونا التي بموجبها ألغيت زيارة أهالي قطاع غزة لأبنائهم في السجون".

وتشعر والدة الأسير بالخوف الشديد على ابنها والأسرى كلما تعرضوا لهجمة من قبل إدارة السجون التي تصب جام غضبها على المعتقلين، فهم لا يملكون أي شيء يدافعون به عن أنفسهم سوى صمودهم ووحدتهم التي تغيظ السجان.

وفي محاولة من حميد إدخال الفرح إلى بيتها الحزين بعد اعتقال نجلها، ووفاة زوجها قبل أعوام، تمكنت من خطبة فتاة لابنها الأسير، مؤخرًا، علها تدخل البهجة لمنزلها بعد غياب "ناهض".

وتعد الثمانينية، الأيام والأشهر وتتحمل الصعاب والأوجاع لاحتضان نجلها، رغم تحملها المسؤولية بعد وفاة زوجها، وتراكم الهموم والأحزان عليها، لتقول: لن تنتهي الهموم والأحزان إلا بتحرير "ناهض".

وتحلم والدة الأسير في اليوم الذي يطلق فيه سراح ابنها، وتراه واقفًا أمامها وأولاده يلعبون في ساحات المنزل، والدموع تبلل وجهها، والخوف يتملكها خشية أن تفارق الحياة دون أن يحقق ذلك الحلم الذي انتظرته أعوامًا.