في الذكرى الـ(٤٨) لحرب الغفران قال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ: "على (إسرائيل) أن تكون مستعدة للحرب في كل وقت؟! لئلا تفاجئنا الحرب مرة أخرى مثلما حدث في حرب عام ١٩٧٣م، يجب أن تكون إحدى يدينا على الزناد وفي الوقت نفسه تحمل يدنا الأخرى غصن الزيتون ممدودة للسلام".
فيما قاله رئيس دولة الاحتلال درس أود أن أرسله للمفاوض الفلسطيني، وإلى رئيس السلطة، أقول فيه: إذا لم تقنعك خطابات فصائل المقاومة التي تدعوك فيها لترك المقاومة تتفاعل في الضفة وتجدد نشاطها، وفي ذلك خدمات كبيرة لمشروع التفاوض الذي تتمسك به، فليقنعك إذا خطاب هرتسوغ رئيس دولة الاحتلال الذي جعل إحدى يدي دولته على الزناد، والأخرى في المفاوضات وتحمل غصن الزيتون.
العدو يدرك أن موقف المفاوض يتقرر ابتداء في الميدان وعلى الأرض، وإن طاولة المفاوضات ليست إلا ترجمة دبلوماسية لما يتقرر على الأرض بأداة القوة.
خطأ منظمة التحرير والمفاوض، ورئيس السلطة، يكمن في أنهم ذهبوا للمفاوضات وقرروا إلقاء السلاح قبل الحصول على الدولة والسيادة وقبل التفاوض على قضايا الحل النهائي، والمؤسف والمعيب أن قائد السلطة الذي اكتشف غدر المحتل وتنصله من التزاماته ما زال يقمع المقاومة، ويمنعها من تجديد نشاطها في الضفة، ويزعم أن ذلك يضر بالمصالح الفلسطينية، في حين عدونا يطلب من جيشه أن تكون يده على الزناد وهو يفاوض من أجل الاستقرار!
موقف الرئيس هرتسوغ صحيح في المنطق، وفي التاريخ، وفي السياسة، وموقف عباس خاطئ في السياسة، وفي التاريخ، وفي المنطق، وترجمة هذا الخطأ عمليًّا هو استمرار الاحتلال، والتوسع في الاستيطان، وضم الأراضي وتهويدها، ومنع قيام دولة فلسطينية، وحرمان الفلسطيني من رموز السيادة على الأراضي التي تحت يده.
الموقف الفلسطيني موقف شاذ لا مثيل له في التاريخ ولا في المنطق، ولا حل استدراكي غير العودة للأصل ولكلمة التاريخ: المقاومة ترفع قيمة التفاوض، وتصون الحقوق على طاولة المفاوضات.
ومن أراد مفاوضة دولة قوية عليه أن يكون قويًّا، ولا قوة للفلسطيني بغير المقاومة. إذا أردت الأرض فعليك بالمقاومة، وإذا أردت كبح جماح الاستيطان فعليك بالمقاومة، وإذا أردت المفاوضات أيضًا فعليك بالمقاومة. وإذا أردت حياة تحت بساطير الاحتلال فعليك بقمع المقاومة والتنسيق الأمني. "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها".