فلسطين أون لاين

"كوشان بلادي".. مبادرة لإثبات ملكية اللاجئين في بلادهم

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

من بين أزقة مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، يجوب أعضاء مبادرة "كوشان بلادي" طارقين أبواب البيوت بحثًا عن وثائق ملكية اللاجئين في أراضيهم وبلداتهم ومدنهم التي هجروا منها عنوة، واستنساخ تلك الوثائق رقميًّا.

وانطلقت المبادرة في الأيام الأخيرة من العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أي قبل ثلاثة أشهر، "لدحض روايات الإعلام الإسرائيلي بأن ما يجري في مدينة القدس وأحيائها ومدن الضفة الغربية أعمال قضائية وليست سياسية، وأن (إسرائيل) لديها جهاز قضائي يصدر عنه الأحكام ويعمل الجيش على تنفيذها اعتمادًا على عقود وكواشين زائفة"، كما يؤكد مسؤول فريق مبادرة "كوشان بلدي"، أكرم جودة.

ومن هنا التقط جودة الفكرة وكوّن فريقًا لم يتجاوز عدده في بداية أيامه 10 أشخاص، لدحض الرواية الإسرائيلية ولخلق تصور يتمثل في جانبين، وبعد أسبوع وصل عدد الفريق إلى 50 فردًا، واليوم يبلغ 200 هم ناشطين ومهتمين بملف اللاجئين، ورجال قانون وإعلام وإدارة، وضباط متقاعدين، وممثلين عن العشائر.

وكلمة "كوشان" أصلها تركي، وهو موطن صدور "الكواشين" الفلسطينية إبان مثول فلسطين للحكم للعثماني.

ويؤكد جودة أن "من ليس له كوشان، لا يعني أنه لا يملك حقا في أرضه التي هُجّر منها بالقوة دون أن يتمكن من حمل كوشان بيته وأراضيه، لذلك شرعنا في التواصل مع دولة تركيا لاستخراج كوشان لأصحاب الأرض الأساسيين".

وتسعى المبادرة التي تندرج تحت مبدأ النضال السلمي لإثبات الحق الفلسطيني، وتعميم الثقافة الوطنية الخاصة بالمدن الفلسطينية المحتلة، وتوعية الأجيال الجديدة بأنهم ليسوا من مخيمات اللجوء التي ولدوا فيها، وإنما من الجية، وبئر السبع، والمجدل، ودمرة، وبلطيمة، وبربرة، واللد، والرملة، وصفد، وعكا، وحيفا، ويافا، ونعليا، وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة.

وتعمل مبادرة "كوشان بلدي" على صعيدين، وهما الصعيد المعنوي، الذي يهدف إلى زرع الفكرة معنوياً في نفوس الأجيال الجديدة من الشعب الفلسطيني من خلال التشبيك مع أكبر قدر ممكن من المؤسسات، إلى جانب الصعيد القانوني، ويهدف إلى خلق حالة قانونية وقضية واحدة، تكون سابقة عدلية للشعب الفلسطيني يمكن أن يبني عليها لتحصيل الحقوق مستقبلا.

أهداف قانونية

ويقول: "المبادرة ترد عمليًّا وتؤكد أن وثائقنا وكواشيننا تفوق أوراقهم ومستنداتهم بمئات السنين، وعليه تمكنا من رفع صوتنا في وجه الاحتلال إعلاميًا وميدانيًا، من خلال المؤسسات التي نزورها يوميًّا لخلق حالة تآزر ووعي في الأجيال الجديدة على قاعدة تنفي مقولة الاحتلال بأن الكبار يموتون والصغار ينسون".

وبدأت أولى نشاطات المبادرة وفعالياتها المجتمعية على وسائل التواصل الاجتماعي للتمكن من الوصول إلى حامل الوثائق الرسمية، ولا تقتصر على ذلك، بل أيضًا يجمعون أوراقًا تُثبت ملكيتهم للأرض، وشهادات الميلاد والهوية الفلسطينية التي توثق أسماء البلدان والقرى القديمة، أو أي مستندات قانونية.

ويسعى جودة وفريق المبادرة لتحقيق الأهداف القانونية التي تتمثل في البحث مع جهات الاختصاص في محاكمة الاحتلال في الاستيلاء على الأرض، وتحدي القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، وعلى سبيل المثال أقر المجتمع الدولي بأن للشعب الفلسطيني دولة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧، ولكن الاحتلال يعمل على إنهاء هذا الواقع السياسي والوطني للشعب الفلسطيني ميدانيًا على الأرض وخرق عملي بالبناء والاستيطان على الأرض الفلسطينية.

ويوضح أن فريق المبادرة رفع دعاوي قضائية على الاحتلال أمام محاكمه والمقدمة للتقاضي أمام المحاكم الدولية، من خلال دعم وإسناد رجال القانون في الشتات ومحامين في الضفة.

ويشير إلى تحقيق الفريق نجاحًا سريعًا قبل أيام، حيث نجح محامٍ فلسطيني واسمه علاء كناجحة في كسب قضية على الاحتلال بإرجاع أرض تقدر مساحتها مئة دونم تصنفها سلطات الاحتلال بأنها "أرض دولة"، "وهو إنجاز يحسب لرسالة مبادرتنا".

ملف يوحد ولا يفرق

ولذلك يعد جودة مبادرته إضافة نوعية جديدة لمسيرة المطالبة بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فلا يألو الفريق جهدًا على مدار الساعة بالالتقاء بالمؤسسات ودواوين العائلات، ووسائل الإعلام.

ويشير إلى أن كبار السن هم أكثر شريحة يتم التعامل معهم، ويبدون رغبة بتسليم كواشينهم كأمانات محفوظة القيمة والتاريخ الوطني عن وعي في ظل التطور الزائف البعيد عن الهوية والكرامة وإنهاء الاحتلال.

أما الشباب وبالأخص خريجيي القانون، فلديهم إقبال لشعورهم بالوعي الذي يمكن أن يقدمه كل واحد فيهم، وحتى المرأة الفلسطينية تشعر أن هذا الجانب مغيب في حياة الأسرة في ظل التطور الزائف الذي يعمل على تفكيكك الأسرة معنويًا بعيدًا عن أصل اكتمال الهوية، تبعًا لجودة.

ويوضح أن مبادرتهم لا تبتعد عن البيت الشرعي والعنوان والممثل للشعب الفلسطيني ودائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين، "ففريق مبادرة كوشان بلدي يعمل في هذه المبادرة على قاعدة ملف اللاجئين يوحد ولا يفرق، متمنيًا أن يجد من الجميع دعمًا والتحاقًا بالمبادرة وتطويرها كنهج وسلوك نضالي جديد.

ويطمح لكسب المزيد من القضايا واسترجاع الأراضي الفلسطينية المسلوبة بأسلوب جديد، لا يستطيع المجتمع الدولي أن يتنكر لهم هذه الحقوق الشخصية من حق اللاجئ، والمطالبة فيها.