"لا للنمطية نعم للإبداع" شعار رفعته المعلمة نسرين قطينة منذ أن بدأت مسيرتها التعليمية قبل عشر سنوات، إذ تمتلك مهارات كبيرة في مزج الرياضيات والعلوم مع الحياة اليومية لطالباتها بابتكار أساليب جديدة للتعلم.
ووضع أسلوب "نسرين" التعليمي على القائمة النهائية لأفضل 50 معلمًا مرشحًا لنيل جائزة المعلم العالمية 2021 في نسختها السابعة، والمقدمة من "مؤسسة فاركي" البريطانية بالتعاون مع منظمة اليونسكو.
وتعد جائزة المعلم العالمية، أكبر جائزة من نوعها بقيمتها البالغة مليون دولار أميركي.
وجاء اختيار نسرين ضمن القائمة النهائية لنيل الجائزة من بين أكثر من 8 آلاف مرشح ومتقدم من 121 دولة حول العالم.
ونسرين معلمة في مدرسة بنات شهداء دورا الأساسية في الخليل، وهي حاصلة على بكالوريوس فيزياء من الجامعة الهاشمية في الأردن، والتحقت ببرنامج الدبلوم التربوي في جامعة الخليل، وعملت كمعلم بديل لثلاث سنوات، وكمعلم معين لمدة سبع سنوات، وهي أم لأربعة أطفال.
تقول نسرين: "يحق لأي معلم أن يتقدم لهذه الجائزة، شرط أن تكون لديه بصمة خاصة فيه وله أثر في طلبته".
وتضيف لـ"فلسطين": "ما كنت لأقدم للجائزة قبل عامين إلا بعد فوزي بجائزة معلم فلسطين لعام 2019، ما زاد إرادتي نحو التقدم للجائزة العالمية وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية، وفاء لهذه الأمانة".
وتشير إلى أنها استطاعت تخطي المرحلة الأولى للجائزة لينافس على المرحلة الثانية 50 متأهلًا سيتم اختيار عشرة منهم، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني سيتم اختيار المعلم العالمي الأول.
وتراعي جائزة فاركي في اختيارها لأفضل معلمي العالم، البيئة والظروف المحيطة بالمعلم، وإمكانيات الدولة والتحديات من كل النواحي، وكذلك ابتكار المعلم والإنجازات التي حققها داخل وخارج فلسطين، وكيف يتعامل مع طلابه خلال جائحة كورونا.
بصمات تعليمية
والتأهل للجائزة ليس بالأمر اليسير، فعلى المتأهل امتلاك بصمة واضحة ومميزة في العملية التعليمية، في ذلك تقول نسرين: "أعمل على صقل شخصيات طالباتي بطرق مختلفة من خلال التعليم والأنشطة اللامنهجية".
وتتخذ نسرين من مقولة "أنر عقلًا تُحيِ إنسانًا" منهجًا في حياتها المهنية، إذ تحرص على إيجاد رابط بين حياة الطالبات وعملية التعلم وحلمهم المستقبلي.
ولا تكتفي بشرح مادتي الرياضيات والعلوم التي تنظر إليهما الطالبات كمواد زخمة، بل تعمل على تحفيزهم بكتابة قصص وتربطها بالمادتين لتوسيع خيال طالباتها.
واستحقت المعلمة نسرين هذه المكانة لنشاطها في عقد مبادرات وفعاليات دائمة تصب في مصلحة طالباتها، فسبق أن قدمت مبادرة لإعادة تدوير خامات البيئة لإنتاج وسائل تعليمية، ومبادرة لتصميم ألعاب تربوية مع زميلتها أمل قطيشة.
كما تمزج بين تاريخ فلسطين والرياضيات، من خلال مبادرة "كنوز الأجداد" وفيها تعمل الطالبات على تسجيل مقطع فيديو لأجدادهن، يتحدثون فيه عن أحداث تاريخية يتم استثمارها في مادة الرياضيات وفي الوقت ذاته تغرس قيمًا في نفوسهن.
وفي العامين الماضيين حينما ضربت جائحة كورونا العالم، أطلقت نسرين مبادرتها: "لن تهزمنا كورونا"، والتي جاءت بعد حصولها على لقب معلم فلسطين لعام 2019م، ولكنها اصطدمت بإغلاق المدارس والتوجه نحو التعليم الإلكتروني، وصممت أفلام كرتون تعليمية تشرح من خلالها الدروس في دقيقتين على قناتها بنصة "يوتيوب".
"معلمي بجانبي"
كما أطلقت مبادرة "معلمي بجانبي" وفيها عملت نسرين على كتابة أفلام الكرتون التعليمية على شكل سيناريو وقدمته مطبوعًا للطالبات اللاتي لا يستطعن الوصول إلى الإنترنت، ووزعت 200 نسخة.
وألحقت نسرين تلك المبادرة بأخرى "إضاءات من حولي" لمادة علوم الصف الرابع، وتقوم على التأمل والتفكر في الطبيعة، فهي تجعل الطالب يبحث أكثر للوصول إلى المعلومة.
واستطاعت نسرين الحصول على جائزة صندوق الإنجاز والتمييز في فلسطين في عام 2020، ولقب المعلم المبادر الأول على مستوى مديرية جنوب الخليل، ولقب معلم خبير مايكروسوفت لعامي 2020 و2021 على التوالي.
وتعد تأهلها لجائزة فاركي، "إنجازًا لكل إنسان حر في فلسطين، وليس إنجازًا شخصيًّا، وبها استطعت تمثيل فلسطين وجعلها على الخريطة العالمية".
وتطمح نسرين إلى مواصلة شغفها في مهنة التعليم، داعية المعلمين إلى زيادة تمثيل فلسطين في المحافل الدولية.
ولم تكُن نسرين الأولى التي تأخذ مكانًا لها بين أفضل معلمي العالم في جائزة فاركي، إذ سبقتها لنيل جائزة أفضل معلم عالمي المعلمة حنان الحروب عام 2016.
كما أُدرجت عبير قنيبي، معلمة في مدرسة وداد ناصر الدين الثانوية، الخليل، ضمن أفضل 50 معلم حول العالم لعام 2017 لذات الجائزة، وواصلت فلسطين المحافظة على مكانتها في جائزة فاركي البريطانية، إذ اختيرت المعلمة رنا زيادة عام 2018 لتكون ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا حول العالم.