أطلق صحفيون ونشطاء فلسطينيون وعرب، حملة إلكترونية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسمَي #الصحافة_تحترق و*#ThePressIsBurning*، للتنديد بالجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الصحفيين في قطاع غزة، وآخرها جريمة استهداف خيمة للصحفيين قرب مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وجاءت هذه الحملة احتجاجًا على الاعتداءات المستمرة التي تستهدف الإعلاميين والمؤسسات الصحفية في قطاع غزة، في ظل محاولات ممنهجة لإسكات الأصوات الحرة التي توثق الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين.
وقد حظيت الحملة بتفاعل واسع من صحفيين وحقوقيين ومؤسسات إعلامية محلية وعربية، حيث عبّر المشاركون عن غضبهم من استمرار صمت المجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم، مؤكدين أن ما يجري يمثل تهديدًا مباشرًا لحرية الصحافة والحقيقة.
ودعا المشاركون، عبر تغريداتهم ومشاركاتهم، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والهيئات المعنية بحرية الصحافة إلى اتخاذ مواقف حازمة وإجراءات عاجلة لحماية الصحفيين الفلسطينيين وتوفير بيئة آمنة لهم.
وأكدوا أن التضامن الدولي مع الصحفيين الفلسطينيين لا يُعد فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو ضرورة لإبراز حجم المخاطر التي يواجهونها أثناء قيامهم بمهام عملهم، مشددين على ضرورة محاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة للقانون الدولي الإنساني.
وبحسب إحصائيات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد بلغ عدد الشهداء من الصحفيين منذ بداية الإبادة الإسرائيلية على القطاع 210 صحفيين، كان آخرهم الصحفي حلمي الفقعاوي، الذي استُشهد جراء قصف خيمة الصحفيين في محيط مستشفى ناصر، إضافة إلى إصابة عدد من زملائه، من بينهم الصحفي أحمد منصور، الذي احترق جسده أثناء تأدية عمله.
احراق الحقيقة
وفي سياق التفاعل مع الحملة، دوّنت الصحفية الأردنية لانا فايز السيد تغريدة عبّرت فيها عن حجم الكارثة: "عندما يتحول القلم والكاميرا إلى هدف... استُهدفت خيمة الصحفيين لتشتعل النيران وتلتهم جسد الصحفي حلمي الفقعاوي وهو حي، ويرتقي شهيداً مدافعاً عن الحقيقة. وأُصيب الصحفي أحمد منصور الذي احترق أمام الجميع وبصمت، لتُدفَن الحقيقة تحت الركام، ويُحرَق صوتها قبل أن يُسمع".
الصحفي نواف تكروري علّق هو الآخر عبر حسابه، عادا أن الجريمة محاولة مدروسة لإسكات الصوت الفلسطيني: "استهداف الاحتلال للصحفيين ليس إلا محاولة بائسة لطمس الحقيقة، وإخفاء جرائمه عن أعين العالم والإنسانية... استهداف الإعلاميين في غزة هو جزء من معركة الاحتلال لإسكات صوت الحق، لكنها معركة خاسرة".
فيما كتبت تقى المجالي، بلغة تختصر عمق الجرح الفلسطيني: "أحرقوا الصحفيين، كأن الحقيقة عدو. قطعوا رؤوس الأطفال، كأن البراءة تهديد. نكّلوا بالنساء، وهنّ رماد الصبر. دفنوا الشباب في حفرةٍ بلا سماء، كأن الحياة لا تليق إلا بالجلادين."
أما كريم قدورة، فقد تساءل بمرارة عن جدوى مؤسسات حماية الصحفيين في ظل هذا الاستهداف السافر: "حين تضعني كصحفي في دائرة الاستهداف، فأنت لا تنتهك حقي فقط، بل تُسقِط كل المعايير التي تنادي بها مؤسسات حماية الصحفيين. أين صوت تلك المؤسسات حين يسقط زملائي واحداً تلو الآخر؟"
الناشطة أبرار معروف حمّلت العالم المسؤولية الكاملة عن تكرار هذه الجرائم، قائلة: "العالم الذي صمت أمام أول حريق، يشهد الآن مجددًا إحراق الصحفيين، لكن الفارق الوحيد أن الصمت أصبح جزءًا من الجريمة نفسها".
تلخيص للمأساة
الناشط محمد أمين علّق على المشهد بالقول: "في فلسطين، يوثق الصحافيون خبر حرقهم.. في فلسطين يوثق الفلسطينيون إبادتهم.. في فلسطين لا يدافع الصحافيون عن حقهم في التعبير، ولا ينددون باعتقالهم ظلمًا جراء ذلك، إنما يموتون حرقًا في بث مباشر على الهواء يحاولون فيه أداء وظيفتهم حتى الرمق الأخير، متمسكين بهواتفهم التي تصور لحظاتهم".
كما كتب الصحفي العراقي حيدر الموسوي: "زميلٌ صحفيّ، يحترق أمام العالم على البث المباشر! ما هذا الإجرام! ما هذا الصمت! ما هذه المأساة! لم يبقَ ما نقوله، ولن ينفع الحديث مطلقاً".
بدوره، عبّر الحقوقي ممدوح إسماعيل عن حجم المأساة في مشهد حرق الخيمة بقوله: "مشهد حرق خيمة الصحفيين في غزة واحتراق أحد الصحفيين أمام أعيننا مشهد مؤلم يفتت الكبد حزنًا، لكنه يلخص مأساة غزة، ويلخص واقعنا كله. هناك من احترق، ومن ما زال يحترق، ومن يشاهد وعاجز... لكن الحقيقة أن هناك من تواطأ ومن تعاون على الحرق".
الإعلامي نظام المهداوي لخّص المشهد برؤية سياسية وإنسانية: "يحترق الصحفي أحمد منصور في خيمة مخصصة للصحفيين. بل بالأحرى، كلّ #غزة تحترق بسلاح الإمبراطورية الأمريكية العظمى. هنا، أنت لست أمام كيانٍ ينتهك القوانين ويحرق الإنسانية وحسب، ولا أنت فقط تحت الاحتلال، بل أنت هدفٌ للإبادة. فالكِيان المجرم اكتشف أن السبيل الوحيد للقضاء على المقاومة، هو إبادة الشعب الفلسطيني بأكمله".