المنحة القطرية، وما أدراك ما المنحة القطرية؟! قصص وحكايات وأكاذيب، سلطة موقعة على اتفاق تطبيع مع المحتل الغاصب، وتتحدث باسم الفلسطينيين في الداخل والخارج، في غزة والضفة والقدس، وترى أنها صاحبة السيادة والولاية على غزة مكانًا ومكينًا، تفشل في تحمل مسئولية إدخال ثلث المنحة القطرية لغزة.
يقول بيان حكومة محمد اشتية الصادر عن اجتماعها أمس الاثنين ١٣ سبتمبر: المنحة ثلاثة أجزاء: الجزء الأول عشرة ملايين دولار قيمة سولار لمحطة الكهرباء، وهذه دخلت ولا مشكلة فيها. والجزء الثاني عشرة ملايين أيضا توزعت من خلال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لمدة أربعة أشهر، وقد تم ذلك. والجزء الثالث عشرة ملايين تُدفع على شكل رواتب للموظفين في غزة، حيث رفضت البنوك الفلسطينية جميعها التعامل مع هذا الجزء خوفا من الملاحقة القانونية، ونرحب بأي جهد لحل هذا الأمر؟!
ما يجدر نقاشه هو الجزء الثالث فقط، وهنا أقول يحسب محمد اشتية بهذا التقسيم والتفصيل قد استطاع كسب الرأي العام وإنقاذ حكومته من الاتهامات الشعبية لها، والأمر ليس كذلك، بل تفصيله يحمل إدانة ذاتية للحكومة، وللسلطة برمتها:
أولًا: لأن البنوك ليست صاحبة قرار لكي تختفي الحكومة وراءها، فالبنوك تخضع لسلطة النقد، ولا تستطيع البنوك مخالفة سلطة النقد، أو رفض أوامرها، لأن هذا يفقدها تصريح العمل، لذا لو أمرت سلطة النقد البنوك بتلقي الجزء الثالث من المنحة وصرفه وفق كشوف الموظفين لفعلت بدون تردد، ولكن سلطة النقد تلقت تعليمات سياسية من القيادة بعرقلة هذا الجزء، وكانت الحجة البنوك، ومن باب الجدل والبيان هب أن البنوك رفضت تلقي أموالًا لموظفي السلطة في رام الله من جهة عربية أو دولية، فماذا سيكون فعل السلطة، والحكومة وسلطة النقد. موظف غزة لا يختلف عن موظف رام الله، وهذا ما تقوله الوطنية الفلسطينية؟!
وثانيًا: إن الخوف من ملاحقة قانونية محتملة هو خوف في غير محله، بل هو خوف مصطنع، الدولة المانحة هي قطر، وأمريكا وافقت على المنحة القطرية، ودولة الاحتلال وافقت عليها أيضا، وكانت تدخلها بالشنطة قبل معركة سيف القدس، ثم الأمم المتحدة الآن شريك أساس في عملية الإدخال، وتتلقى نسبة على ذلك، فمن أين يأتي التخوف إذا كانت كل الأطراف ذات الصلة راضية وموافقة؟
ليست المسألة عند حكومة اشتية الخوف من الملاحقة القانونية التي جاءت في كلام اشتية في صياغة مبهمة، ملقية على غائب، المسألة هي حرص السلطة على عرقلة حياة الموظفين بغزة، لإضعاف الجهة التي تدير غزة، أي أن حكومة اشتية تعمل ضد موظف غزة وتختفي خلف البنوك.
وثالثًا: أفترض هنا أن ما قاله اشتية صحيح وقانوني، فما قيمة وجود سلطة تحتكر التمثيل الفلسطيني عربيا ووليا، ولا تستطيع إدخال عشرة ملايين دولار هي تبرع علني من قطر لموظفي غزة، إذا كانت السلطة لا تستطيع هذا العمل البسيط فيجدر بها أن ترحل، من لا يستطيع القيام بهذا الواجب الصغير، فلن يستطيع إقامة دولة، أو إزالة مستوطنة، القصة برمتها فيها دخان تآمر أسود على غزة، ليس إلا.