فلسطين أون لاين

شح المياه والتصدير أكبر التحديات

المحررات تحتضن (9) آلاف دونم زراعي ومحاصيل الخضراوات تأخذ 70%

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

تعد أراضي المحررات واحدة من المناطق الزراعية في قطاع غزة التي ترفد السكان باحتياجاتهم من السلع الغذائية (الشقين النباتي والحيواني)، ورغم التحديات جرى التوسع في هذه المساحات على مدار (16) عامًا، لتسجل اليوم قرابة (9) آلاف دونم زراعي، وتأخذ الخضراوات النصيب الأسد بنسبة (70%).

قال مدير مديرية زراعة خان يونس حسام أبو سعدة: "إن إجمالي مساحة أراضي المحررات في قطاع غزة 26 ألف دونم، كان المخصص منها للقطاع الزراعي عقب اندحار الاحتلال عن غزة 4 آلاف دونم زراعية، لكن اليوم وصلت المساحة إلى 9 آلاف دونم زراعي".

وأضاف أبو سعدة لصحيفة "فلسطين": "إن 70% من أراضي المحررات المخصصة للقطاع الزراعي تذهب إلى الخضراوات، يليها في ذلك المساحة المخصصة لأشجار الفواكه واللوزيات بنسبة 20%، وعلى وجه الخصوص المانجا، والنخيل والحمضيات، ونسبة 10% تذهب إلى مزارع إنتاج الدجاج اللاحم، والبياض والحبش".

وبين أن أراضي المحررات معروفة بأنها كثبان رملية، وحتى تصلح للزراعة سويت، وأُضيف إليها الطين والمواد الغذائية والعضوية، لتحسين خواصها، مع رفدها بشبكات مياه مناسبة لها.

وذكر أبو سعدة أن الزراعة المعتمدة في أراضي المحررات تأخذ شقين: الأول الزراعة المكشوفة، وتتضمن أهم منتجين زراعيين، البطاطا والبصل، فضلًا عن الشمام والبطيخ؛ والشق الثاني زراعة الدفيئات التي تشتمل على زراعة البندورة والخيار والفلفل والكوسا والباذنجان، وأصناف أخرى من الخضراوات.

ولفت إلى أن الإدارة العامة للمحررات تتعاقد مع جمعيات خيرية ومؤسسات أهلية لاستئجار مساحات محددة من أراضي المحررات، لزراعتها بأصناف متعددة من الخضراوات والفواكه.

وأكد أبو سعدة أهمية المحررات في رفد قطاع غزة بالسلة الغذائية، إذ إنه مع الزيادة السكانية والتوسع العمراني -خاصة في المناطق الشرقية للقطاع التي كانت تعد سلة غذائية- بات الاهتمام ينصب على استثمار أراضي المحررات بالصورة الأسلم، إذ زيدت نسبة المحاصيل التي يحتاج إليها السكان في القطاع داخل هذه المحررات، وعلى رأسها البصل والبندورة والبطاطا والفلفل.

وأشار إلى أنه عقب اندحار الاحتلال عن قطاع غزة في عام 2005 ترك قرابة (4000) دفيئة زراعية صالحة للاستخدام، حيث أصلحت الأعطال البسيطة، وأضيف إليها مساحات أخرى حتى وصلت المساحة الإجمالية المخصصة للزراعة بنوعيها (المكشوفة والدفيئات) داخل المحررات إلى (9) آلاف دونم.

وعن سعيهم في الوزارة لاستصلاح مزيد من الأراضي قال أبو سعدة: "إن قطاع غزة لديه اكتفاء ذاتي من أصناف الخضراوات عدا الثوم والجزر، وأي توسع زراعي دون أن نجد تصريفًا له في الأسواق الخارجية سيكون مضرًّا بالمزارعين".

وتحدث عن إقامة وحدات إنتاجية داخل المحررات: "إن فكرة إقامة وحدات إنتاجية داخل المحررات الزراعية غير معمول به حاليًّا، لكن تستخدم بعض المنتجات الزراعية في الصناعة مثل إنتاج "الطراشي" (المخللات)، ونأمل التوسع في الصناعات الغذائية القائمة على المنتجات الزراعية".

وفي السياق أوضح أبو سعدة أن المحررات تضم (140) دونمًا بها مزارع مخصصة لإنتاج الحبش، هذه المزارع تغطي السوق المحلي سنويًّا بقرابة (900) ألف حبشة.

وأضاف: "إن (20) دونمًا من المحررات مخصصة لمزارع الدجاج اللاحم والبياض، تلك المزارع تغطي السوق المحلي بـ(20) ألف دجاجة سنويًّا".

وحسب إفادة وزارة الزراعة، مرت الأراضي الزراعية داخل المحررات بثلاث مراحل قبل أن تصل إلى هذا النجاح، المرحلة الأولى قبل عام 2005م، إذ كانت أراضي المحررات في ذلك الوقت خاضعة لسيطرة الاحتلال، مساحتها 3500-4000 دونم، تنتج خضارًا مختلفة يبيعها الاحتلال في أسواقه، ويصدرها للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والخارج، وكان يشتغل فيها عمال من غزة.

والمرحلة الثانية بعد انسحاب الاحتلال من قطاع غزة عام 2005، حينها أوكلت مهمة زراعة أراضي المحررات إلى الشركة الفلسطينية للتطوير الزراعي، ومكثت في العمل مدة عام، وأنتجت محاصيل مختلفة صدرت إلى الخارج، مثل البندورة، والخيار، والباذنجان، والفلفل، والفراولة، وغيرها.

والمرحلة الثالثة بعد عام 2007، إذ أُجِّرت الأراضي الزراعية داخل المحررات لجمعيات ومؤسسات خيرية، وكانت الزراعة حسب احتياج السوق المحلي نظرًا لفرض الاحتلال آنذاك حصارًا شاملًا على قطاع غزة أغلق خلاله باب التصدير، ولكن بعد تخفيف الاحتلال قيوده على المعابر، وسماحه بتصدير الإنتاج الزراعي من غزة؛ عاد الإنتاج إلى سابق عهده.

من جهته يرى الخبير الزراعي نزار الوحيدي أنه مع نقص كمية المياه المخصصة للزراعة لا بد من تغيير نمط الزراعة المتبع داخل المحررات، بحيث تزرع محاصيل زراعية أقل استهلاكًا للمياه.

ويوضح الوحيدي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن التوسع في زراعة المانجا والحمضيات والنخيل داخل المحررات يزيد من حجم استهلاك المياه، موصيًا بأن تزرع الخضراوات داخل دفيئات زراعية حفاظًا على المياه، وأن تكون العملية الزراعية في الأساس للمحاصيل قائمة على احتياج السوق لا رغبة المزارع لتفادي حدوث فائض.

ويقترح الوحيدي التوسع في زراعة الأعلاف داخل المحررات باستخدام المياه المعالجة، والاستثمار في البحث العلمي لإنتاج الأعلاف من المخلفات الزراعية.

ويُوصي بتكثيف تربية الماعز لأن لديه القدرة على أكل النباتات الخشنة التي لا تأكلها الأغنام، وهو ما يساهم في خفض تكلفة الإنتاج.