تضاف عملية خلاص الأسرى الستة من سجن جلبوع، إلى سلسلة الإخفاقات الأمنية الأخيرة التي شهدتها الساحة الإسرائيلية، فضلا عن كونها تُعبِّد الطريق نحو تصعيد أمني عسكري متوقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويبدو أنه بات قصيرا.
دفعت الضربات الأمنية المتلاحقة التي تلقتها دولة الاحتلال لصدور توقعات إسرائيلية بأن تكون الأيام المقبلة متوترة للغاية، على اعتبار أنه يمكن للأحداث الأخيرة في الضفة الغربية وسجن جلبوع أن تنعكس عما قد يشهده قطاع غزة، وإذا كان الهجوم على حدود غزة الشرقية تجاه قوات الاحتلال، وأودى بحياة جندي، ثم الهرب من سجن جلبوع، قدما سلسلة من الإخفاقات، فهي بالنسبة للفلسطينيين سلسلة من الأحداث الرمزية ذات الأهمية الوطنية.
تنطلق الرؤية الإسرائيلية لهذه التطورات من أنها حوادث غير عادية، سواء إطلاق النار من مسافة صفر على الجندي في غزة، أو هرب الأسرى من السجن، رغم أن العمليات الأمنية التي سيقوم بها جيش الاحتلال في مدينة جنين، ومحاولة اعتقال النشطاء فيها، قد تثير ردة فعل أخرى في الضفة الغربية، لكن الاحتمال الأكبر لحدوث ارتفاع في درجات الحرارة يقع على الحدود الجنوبية، حيث الاحتجاجات قرب السياج، والبالونات الحارقة، وربما إطلاق صواريخ، لتخفيف الضغط عن المقاومة في الضفة.
صحيح أن الضفة الغربية تعيش استقرارا أمنيا في السنوات الأخيرة، لكن فرص حدوث تصعيد كبير يشكل مصدر قلق إسرائيلي، وإن كان لا يُنظر إليها في المؤسسة العسكرية على أن نسبتها عالية، فقط يبقى استثناء يتعلق بمدينة جنين، حيث يتوقع الجيش أن يعمل فيها خلال الأيام المقبلة، خاصة وأنه في الأشهر الأخيرة باتت المدينة عصية على السيطرة عليها، وقد تحولت إلى بؤرة ساخنة بشكل خاص، وكل عملية اعتقال لمطلوب فيها تعني ليلة من المعركة مع مسلحين محليين.
توضح الأحداث الأخيرة حجم الثمن الإسرائيلي الباهظ الذي تم دفعه، مع العلم أن الأمر ليس مقتصرا فقط على السجان الذي نام في أثناء مناوبته في برج الحراسة، لأن هذا مجرد خلل إضافي في سلسلة من الأخطاء، من أدنى المستويات إلى أعلاها في مصلحة السجون، لكن الأسوأ من ذلك، أن كبار المسؤولين السابقين يوجهون مزاعم خطِرة تتطلب فحصًا معمقًا، بما في ذلك التعيينات الناجمة عن الاعتبارات السياسية والحزبية.
لا يقتصر الأمر، وفق القراءة الإسرائيلية، على الضباط التنفيذيين، بل هناك مسؤولية على المستوى السياسي الذي فشل في السيطرة على السياسات التي ينتهجها، رغم أننا أمام حكومة عمرها ثلاثة أشهر فقط، لكنه لن يلغي مسؤوليتها في تنظيف "الإسطبلات"، وقلب كل حجر في مصلحة السجون الإسرائيلية من الآن، لمنع الهرب القادم، الذي بدأ عده التنازلي!