فلسطين أون لاين

أول مصمم أزياء للرجال بغزة

الشاب حسين.. مهندس برمجيات يحلم بالوصول إلى دور العرض العالمية

...
المصمم حسين (أرشيف)
غزة/ هدى الدلو:

الشغف لا يموت ما دام مغروسًا بداخلك وتسقيه باهتمام وسعي نحو التطوير، فعلى الرغم من محاولات عائلته لثنيه وإبعاده عن عالم تصميم الأزياء في بداية طريقة، فإنه عاد إلى ولعه بهذا العالم مذ كان طفلًا، حتى أصبح أول مصمم أزياء للرجال بغزة.

الشاب يحيى حسين (٢٨ عامًا)، من سكان مدينة الزهراء الواقعة وسط قطاع غزة، تخرج في تخصص هندسة البرمجيات، مدفوعًا برغبة أهله، يعمل حاليًّا في مجال تسويق وتصميم الأزياء.

منذ كان حسين في السابعة من عمره، شغف بتشكيل المحارم الورقية على شكل مانيكان يكسوه بالملابس، وبعد أن التحق بالمدرسة بدأت موهبته في التطور تلقائيًّا باكتشافه عالم الورقة والقلم يعكف بهما على الرسم، لتتحول الأفكار من أبيض وأسود إلى فساتين ذات ألوان مبهجة.

يقول حسين لصحيفة "فلسطين": "بعدها بت أطور نفسي أكثر لأحترف الرسم بالممارسة والتقليد، ففي ذلك الوقت لم يكُن استخدام الإنترنت واليوتيوب معروفًا ومنتشرًا ويسهل الوصول إليه كما هو الحال هذه الأيام".

أما أهله فحتى وصوله إلى مرحلة الثانوية العامة لم يكونوا قد أخذوا الأمر على محمل الجد، فبعد انتهاء تلك المرحلة كان ينوي الالتحاق بجامعة خارجية لدراسة تصميم الأزياء، لكنه وُوجه برفض قاطع محاولين دفعه إلى منحى بعيد عن حلمه وميوله، فاتجه إلى دراسة هندسة البرمجيات.

يضيف حسين: "كان الرفض تحت حجة: (شو بدك الناس تحكي عن ابنَّا خياط؟)"، مشيرًا إلى أن معدله في الثانوية العامة يسمح بدخول كلية الهندسة، "إضافة إلى أنني بكر عائلتي وأراد والداي أن يفرحا بالتحاقي بكلية ذات مكانة عالية من ناحية مجتمعية مثل بقية الأهالي، وفي أثناء دراستي الجامعية لم أتوقف عن تصميم الأزياء ورسمها".

ويوضح أنه لم يتمكن من الالتحاق بتخصص قريب من موهبته، فوقتها لم يكُن على دراية بالحياة، وكان لا يزال تحت جناح أهله غير مستقل في قراراته.

يستدرك: "لكن هندسة البرمجيات أفادتني كثيرًا في مرحلة من المراحل سواء في جمع المال، أو حتى في مرحلة تسويق المنتجات فيما بعد".

فبعد أن أنهى حسين دراسته الجامعية، عمل في مجال تخصصه مدة عام كامل، استطاع فيه تجميع مبلغ من المال استثمره في الدارسة من جديد، ليعود إلى رحلة المعاناة الأولى في البحث عن معهد يعلمه تصميم الأزياء وفق أصوله وأساسياته، ولكنه يواجه بالرفض لكونه شابًّا.

يتابع: "بعد بحث طويل استطعت أن أجد كلية لتعليم تصميم الأزياء، وتخرجت فيها الأول على دفعتي، وبذلك عدت إلى تصميم الأزياء، وحولت الموهبة إلى شيء مصقول نوعًا ما علميًّا".

أنهى حسين دراسة دبلوم تصميم الأزياء وقرر فتح متجر إلكتروني باسم (details)، ولكونه فردًا من المجتمع فهو على دراية بالعادات والتقاليد، فلا يسمح لشاب بالعمل مباشرة مع الفتيات في مجال تصميم الأزياء.

لذلك قرر حسين التوجه لمجال الرجال والذي يصفه بأنه أصعب من التصميم للنساء، معللًا ذلك باعتماد ملابس الرجال على ألوان معينة، وقماش خاص، "ولا يفضلون الأفكار الجديدة".

ولكن هل يلبي تصميم ملابس الرجال شغف التصميم لديك؟ يجيب: "التصميم شيء مفطور عليه لا أسمح لشيء بتقييده، أو أن يعوقه كعدم توفر قماش معين، أو المحدودية في الأفكار التي يتقبلها الرجال، ففي هذه المرحلة الموهبة والخبرة والعلم يجتمعون معًا لأخرج بأفكار ترضي الزبون".

أما بالنسبة لتفاصيل العمل أو المراحل التي يمر بها، ففي البداية يختار مصدرًا لفكرة التصميم، "ثم أعمل على تطبيقه على لوحة الإلهام وهي أداة يستخدمها أي مصمم محترف وغير معروفة كثيرًا في غزة، تليها مرحلة تحويل لوحة الإلهام إلى تصاميم مرسومة، لتتحول بعد ذلك إلى باترونات ومن ثم مرحلة الخياطة، والتسويق".

ويشرح حسين بأن الصور والقماش وأي إكسسوارات تدخل في عملية التصميم توضع على اللوحة بهدف تجميع الأفكار، وتحديد الخامات التي ستدخل في عملية التنفيذ، ومن شأنها أن تقلل من التكلفة.

وقد اختار اسم الماركة (Details) وتعني بالعربية "تفاصيل"، لتظهر فيها هويته كمصمم للأزياء، وقوته في تصميم قطع بسيطة، "لكن بمجرد الإمعان في تفاصيلها تجد الأفكار التي قد تكون على شكل إكسسوارات أو قطعة قماش مضافة، أو طباعة، أو تكتيك في الخياطة أو القصة".

ويلفت إلى أن الترويج لماركته الخاصة يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والأصدقاء والمعارف، فالإقبال في البداية كان محدودًا لعدم انتشار ثقافة الشراء عبر الإنترنت.

ويوضح حسين أن هناك فرقًا بين مصمم الأزياء والخياط، فتصميم الأزياء يقسم إلى ثلاثة أقسام: تصميم، باترون، خياطة، والمصمم هو الذي يكون على رأس الهرم، والشخص المسؤول عن توليد الأفكار وتحويل أفكار الألبسة إلى قطع قابلة للارتداء، وأيضًا على تحويل التصاميم المرسومة إلى مخططات تستخدم في عملية قص القماش لتجهيزه للخياطة، أما الخياط فهو الذي يتولى مهمة تجميع الأقمشة.

ويعكف حسين على تطوير مشروعه من خلال تطوير قدراته وتلقي دورات نوعية من خارج غزة، إلى جانب التشبيك مع تجار من داخل وخارج القطاع، لكونه بصدد تحويل المتجر الإلكتروني إلى متجر حقيقي.

وفيما يتعلق بالمشكلات التي تواجهه، فتتمثل في قلة المواد الخام، وعدم انتشار ثقافة تصميم الأزياء، والتكلفة الإنتاجية العالية، إضافة إلى عدم توفر مكان خاص فيه.

ويطمح حسين للوصول إلى منصات العرض العالمية، وأن يحول المنطقة العربية من بيئة مستورد للملابس إلى مُصدر لها.