ماذا بعد القمة الثلاثية في القاهرة؟ قبل الجواب على ما بعد، نسأل لماذا كانت القمة الثلاثية التي جمعت إلى جانب الرئيس المصري كلًّا من ملك الأردن، ورئيس السلطة الفلسطينية؟ من المعلوم أنه حدثت بين يدي القمة حوادث ذات مغزى، منها: زيارة عباس كامل وزير المخابرات المصرية لتل أبيب. ومنها زيارة بينيت للبيت الأبيض ولقاء بايدن. ومنها تصريحات بينيت عن غياب الحل السياسي والتفاوضي مع السلطة، وزيارة غانتس لعباس، والتأكيد أن زيارته لرام الله توقفت عند تقديم قرض مالي ومساعدات للسلطة تمنع انهيارها، بناء على توجيهات البيت الأبيض لتل أبيب.
هذا الموقف السياسي الصهيوني المعلن من حكومة بينيت لا يريح عباس، ولا مصر، ولا الأردن. ومن ناحية أخرى ترى الأطراف الثلاثة أن بايدن لم يقدم شيئًا مهمًّا على المستوى السياسي، غير تصريح شكلي بتأييده لحل الدولتين.
هذه الاعتبارات دفعت لعقد لقاء ثلاثي على مستوى القمة، وبعدها صدر تصريح من مصر أنها تقوم بإعداد مبادرة سياسية بها فقرات صارمة للتنفيذ. التصريح هذا مبهم، وربما تكمن أهميته من إبهامه، ولكن هل الفقرات الصارمة ستكون ضاغطة على الطرف الإسرائيلي، أم ضاغطة على الطرف الفلسطيني؟ وهذا يستدعي سؤالًا تحليليًّا آخر يقول: هل تملك مصر أوراق ضغط على حكومة برئاسة بينيت تؤمن بالاستيطان عقيدة، وترفض حل الدولتين، ولا تملك جرأة العودة للمفاوضات مع عباس؟ إن حكومة إسرائيلية بمثل حكومة بينيت ستلتف على الضغوط المصرية، وليس في الأفق ثمة فرصة لتقدُّمٍ ما في المفاوضات السياسية.
من المؤكد أن القمة الثلاثية ناقشت هذه المعوقات، وهي تدرك جيدًا الموقف الإسرائيلي، ولكنها ناقشتها وعينها على البيت الأبيض، وبالتحديد على بايدن، إذ تبحث الأطراف عن إغراء بايدن بفرصة أفضل للمفاوضات، وحيث هي في حاجة لعلاقة أكثر جودة وذات مغزى مع بايدن، في ضوء تراجع فرص حل الدولتين، وهي في حاجة لهذه العلاقة على المستوى القطري الثنائي، ولا سيما حال فشل مبادرة المفاوضات المصرية الجديدة والمحتملة.