كثيرة هي القراءات الإسرائيلية التي قدمت تقييمًا لقمة البيت الأبيض بين رئيس الوزراء نفتالي بينيت والرئيس جو بايدن، وحقيقة ما أنجزته للجانبين، لكن قراءة لافتة وصفت اجتماعهما بأنه يشبه لقاء بين معلم وتلميذه، وقد فتح الأخير صفحة جديدة في العلاقات مع الأول، ما جعل اجتماعهما يحوز أهمية كبيرة لعلاقات (إسرائيل) مع "شقيقتها الكبرى"، رغم أن واحدة من مشاكل بينيت الواضحة للجمهور الإسرائيلي وزعماء العالم أنه يفتقر إلى هالة الزعيم ورئيس الوزراء.
كما صدرت في الأيام الأخيرة تحليلات إسرائيلية متباينة لما أدت إليه هذه القمة، ولعل من أهم ما استخلصته أن "بينيت يحتاج لتغيير سلوكه، ومحاولة الظهور بمظهر أكثر جدية، ووقف تدفقاته "السخيفة" في وسائل الإعلام، وصياغته المعقدة في خطاباته ورسائله، والتوقف عن ملاحقة العناوين الرئيسة، وعدم الإطراء المصطنع على الصحفيين، لأنه يبدو صغيرًا جدًّا، متسرعًا ومتهورًا، ويعتقد أن كل من حوله أغبياء، وأنه العبقري في الخدمة"، وفق المفردات الإسرائيلية.
ورغم كل هذه السلبيات لدى "التلميذ" بينيت و"المعلم" بايدن قاسم واحد مشترك حتى قبل أن يلتقيا، فكلاهما "يحتقران" رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، ولا يريدان رؤيته يعود لمنصبه، ومع ذلك فقد عانى بينيت من الانتظار الطويل لعقد الاجتماع مع بايدن، الذي تأخر بسبب الهجوم على مطار كابول، وانتظر بصبر أخذ صورة مشتركة معه، أما هو فعامله بمجاملة ومسامحة كمدرس لطالبه.
مع العلم أن مستشاري بايدن وبينيت أعدوا مسبقًا صياغة غامضة لـ"موازنة الخيارات الأخرى"، ولذلك لم يكن لدى بينيت مشكلة في الموافقة على مطلب بايدن لتقوية السلطة الفلسطينية واقتصادها، وجاء التنفيذ سريعًا، إذ ذهب وزير الحرب بيني غانتس إلى رام الله بموافقته، وقدم "هدايا" إنسانية وقرضًا بـ800 مليون شيكل للرئيس محمود عباس، مقابل موافقة بايدن على تأجيل افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة، وسيتخذ المزيد من الخطوات لتعزيز استقرار حكومة بينيت- لابيد- غانتس، كل ذلك حتى يبقى نتنياهو في المعارضة.
يفعل بايدن كل ذلك مع بينيت وحكومته، رغم أنه ربما يشعر مع مرور الوقت أنه يضلله، كما فعل به نتنياهو عدة مرات، لكن عند الحديث عن التعامل مع الخطر الإيراني، لا يزال بايدن يعتقد أن العودة للاتفاق النووي 2015 هي الطريقة الأكثر فاعلية لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية، في حين يفضل بينيت عملًا عسكريًّا ضد منشآتها النووية، أو على الأقل فرض عقوبات معوقة عليها، لكن الولايات المتحدة في حالة صدمة جديدة من الانسحاب من أفغانستان، ولا تريد أن تسمع عن عملية عسكرية في إيران قد تؤدي إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط.