حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من مؤامرة تحاك لتصفية القضية الفلسطينية، عادّةً أن حديث السلطة عن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 "كذبة كبيرة تستهدف تضليل الشارع الفلسطيني"، فيما شددت على أن حركة حماس تقاوم الاحتلال الإسرائيلي داخل حدود فلسطين فقط.
وقال القيادي في "الشعبية" بدران جابر، لصحيفة "فلسطين"، أمس: إن "كل من سموا أنفسهم عربًا ومسلمين في المنطقة صمتوا" عن زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن حماس "منظمة إرهابية"، ومن بين الذين صمتوا رئيس السلطة محمود عباس.
ولم يستغرب جابر هذا الموقف من عباس "في ظل التفرد والانقسام وتحول البوصلة وتوجيهها نحو حماس كخصم بديلًا من الاحتلال والصراع معه"، مشددًا على أن هذا الموقف يحتاج إلى تصويب.
وأضاف: "يبدو أنهم فقدوا الحكمة والروية والوعي الضروري للدفاع عن الثورة بأهدافها وأدواتها"، مؤكدًا أن "حماس حركة مقاومة لم تخرج من حدود الوطن المحتل في مقاومته".
وتابع بأن حماس "في توجهها بشكل عام تستجيب لنبض الشارع الفلسطيني، وبالتالي فإن وصفها بالإرهاب يدل على رغبة في قتل المقاومة، وأن ما يجري في العالم العربي والمنطقة برعاية أمريكية إسرائيلية دولية يستهدف إما تطويع المقاومة أو القضاء عليها".
تردٍ عربي
وبشأن حديث ترامب خلال لقائه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في فبراير/شباط الماضي، عن "مبادرة سلام جديدة" بين السلطة و(إسرائيل) "قد تشمل دولًا كثيرة"، عادًّا أن لقاء ترامب بزعماء أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية مؤخرًا، "تتويج لحالة التردي العربي وحالة الانقسام وغياب استراتيجية فلسطينية واضحة".
ورأى أن "الجو السائد هو جو تآمر يستهدف تصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني وأهدافه ورؤاه وفق منظور أمريكي رجعي عربي يتساوق إلى حد كبير مع الرؤية الإسرائيلية لتصفية القضية نهائيًا دون أن تؤخذ بالاعتبار الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني".
وقال: إن "حجم قوى التآمر كبير"، في المقابل "قوى التغيير والرفض لتصفية القضية الفلسطينية ضعيفة، مشتتة، ولا تملك رؤية واضحة، وما زال التناحر عنوان العلاقات الداخلية على الساحة الفلسطينية، وهذا يسهل تمرير المؤامرة".
وتساءل عن الكيفية التي يمكن من خلالها إنقاذ الساحة الفلسطينية من "انتهازيين ومساومين ممن تعبوا من النضال واجتذبتهم الإغواءات والإغراءات والمصالح"، مبينا أن "الاحتلال استطاع أن يكسب ود البعض ويخرجه عن طبيعة الفكر الثوري التاريخي المرتبط بالمصلحة الوطنية الفلسطينية، ويضعه في خانة الجاهزين للتفريط والتنازل".
وعما إذا كان عباس قد يذهب لمفاوضات مع (إسرائيل) دون وقف الاستيطان أو الإفراج عن الأسرى القدامى، أجاب جابر: "وفق التصريحات التي أشارت لها وسائل الإعلام الأجنبية والإسرائيلية نعم تم التنازل عن شرط وقف الاستيطان بطريقة أو بأخرى"، مضيفًا: "يبدو أن هناك خطة لسلام اقتصادي".
وكانت مواقع إخبارية عبرية، نسبت الخميس الماضي، لمستشار رئيس السلطة محمود عباس، محمد مصطفى القول: إن عباس مستعد لوضع شرط تجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات "على الرف مؤقتًا".
وتوقفت مفاوضات التسوية بين حكومة الاحتلال والسلطة منذ فشل آخر مبادرة أمريكية في نيسان/أبريل 2014، جراء رفض الاحتلال وقف الاستيطان، والقبول بحدود 1967 كأساس للتفاوض، والإفراج عن أسرى فلسطينيين قدامى.
وعن تأكيد عباس على ضرورة إقامة دولة فلسطينية على ما يعرف بحدود 1967 عاصمتها شرقي القدس، أوضح القيادي في "الشعبية" أن المعادلة الدولية وميزان القوى وصلف الكيان الإسرائيلي وحكومته الفاشية، لن يسمحوا بذلك.
وبيّن أن حكومة الاحتلال تحاول فرض شروطها على الأرض، وأنه لم يبقَ هناك أرض في الضفة الغربية لإقامة الدولة الفلسطينية عليها، حيث تسيطر عليها سلطات الاحتلال بجيشها ومستوطنيها.
"كذبة كبيرة"
وتساءل: "عن ماذا يتحدثون (قادة السلطة)؟ عن أي دولة؟"، عادًّا أن هذا الحديث عن إقامة دولة في حدود 1967 "يطرح للتعمية والتضليل، وفي النهاية سيأتينا الجواب: هذا ما استطعنا الحصول عليه، تفضلوا، لم يتركوا طريقًا لشعبنا ليقرر مسيره ومساره".
وفسر بأن حديث السلطة عن دولة في حدود 1967، "شعار غير ملائم للمرحلة الراهنة"، كما وصفه بأنه "كذبة كبيرة تستهدف تضليل الشارع الفلسطيني، يراد منها تعمية الناس عن طبيعة المسار الراهن المتمثل في التسوية المرفوضة من قبل أبناء شعبنا والتي فيها تنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية".
وطالب الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه ومثقفيه بالبحث عن رؤية جديدة واستراتيجية تتناقض مع رؤية الاستيطان والتفريط، وتطرح بدايات لاتفاق وطني واضح مناهض للتسويات المرفوضة، ويعمل على حماية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى مصادقة الاحتلال على بناء 1100 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، والتخطيط لبناء 67 ألف وحدة أخرى، منبهًا على أن هذا يهدف إلى تهجير الفلسطينيين.
وشدد على أن "هذا التغول الاستيطاني اللامحدود، والمدعوم أمريكيًا، وعلى ما يبدو مرضي عنه عربيًا، لم يبقَ من الأرض شيء يمكن أن تقام عليه دولة فلسطينية".
وعن سؤال: هل تعتقد أن ترامب سيكون الرئيس الأمريكي الذي تتم في عهده تصفية أو تسوية القضية الفلسطينية؟ أجاب: "الظروف العربية مواتية خاصة في ظل حرف البوصلة عن اتجاهها الصحيح".
وتحدث جابر، عن تجاهل عربي رسمي للقضية الفلسطينية في ظل ما يدور من حديث عن مصالحات وتواصل مع الاحتلال الإسرائيلي ودعم وإسناد لبلورة "شرق أوسط جديد".
وتابع: "كل هذا يشير إلى مرحلة ردة"، عادًّا أن هناك حقيقة على الأرض باتت واضحة "أن هناك أطرافًا عربية أسهمت في إنشاء هذا الكيان الصهيوني وتدفع باتجاه تمديده من النيل إلى الفرات".
وبين أن هناك ضغوطًا على السلطة للقبول بتبادل أراضٍ مع الاحتلال بنسبة تتراوح بين 9% و10% مقابل استمرار عمليات التمويل.
ويفاخر ترامب بخبرته كرجل أعمال من أجل الإشراف على "الاتفاق النهائي" بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة.
ويعود آخر اجتماع علني بين عباس ونتنياهو إلى عام 2010، رغم تقارير غير مؤكدة عن لقاءات سرية بعدها.