المسلمون يردون هجوم الصليبيين الألمان عن عكا
في الثالث عشر من رمضان عام 586هـ الإثنين 15 أكتوبر 1190م استطاع المسلمون بثباتهم وشجاعتهم وقوتهم تدمير عدد من آلات الفرنجة الحربية الضخمة التي لم يسبق للمسلمين أن رأوها، أو عرفوها من قبل.
يقول أبو شامة: "إن ملك الألمان اتخذ وهو يحاصر عكا من الآلات العجيبة والصنائع الغريبة ما هال الناظر إليه، وخيف على البلد منه، فمما أحدثه آلة عظيمة تسمى "دبابة" يدخل تحتها من المقاتلة خلق عظيم، وهي ملبّسةٌ بصفائح الحديد، ولها من تحتها عَجَل تحرك بها من داخل، وفيها المقاتلة، حتى ينطح بها السور، ولها رأس عظيم برقبة شديدة من حديد وهي تسمى كبشًا، ينطح بها السور بشدة عظيمة فتهدمه بتكرار نطحها، وآلة أخرى تسمى "سفودًا" رأسها محدد على مثال السكة التي يحرث بها، أما رأس الكبش فمدور، وفي هذه الآلة رجال تسحبه وتدفعه نحو السور ليهدم رأس الكبش بثقله، وتهدم السكة بحدتها وثقلها، كما أعد هذا الملك المهاجم في البحر بطسة (سفينة) هائلة صنعوا فيها برجًا بخرطوم ، فإذا أرادوا قلبه على السور انقلب بالحركات ويبقى (أي يصنع) طريقًا إلى المكان الذي ينقلب عليه يمشي فوقه المقاتلة، وعزم ملك الألمان على تقريب برج تلك السفينة إلى برج الذبان (من أبراج عكا) ليأخذوه به أي يعبروا فوق الجسر المعلق من برج سفينتهم إلى برج الحماية، كما أنه عزم على دفع سفينة محملة بالحطب نحو سفن المسلمين، حتى إذا توسطتها ألقى عليها النار من بعيد، فتحترق تلك السفينة المحملة بالحطب وتحرق معها سفن المسلمين في مدخل ميناء عكا".
لكن المسلمين نصبوا على صوبها المنجنيق، ورموا بالحجارة الثقيلة ذلك النيق، فأبعدت "الرماية الشديدة" رجالَ تلك الآلات من حواليها، ثم رموها بحزم الحطب حتى طمّوا ما بين قرني الكبش، و"أخذ أهل البلد في تواتر ضربها بالنفط ليلًا ونهارًا"، وقذفوا بالنار, وتمكنت النار من أضلاعها، ثم خسفوها بالمنجنيق، حتى احترقت إلى درجة أن النار ارتفعت نحو السماء، فكبر الأهالي وهللوا فرحين، وخرج من بالثغر من المسلمين فقطعوا رأس الكبش، واستخرجوا ما تحت الرماد من العدد بالنبش.