"أرى الرجل فيعجبني، فإذا تكلم سقط من عيني"، هذه مقولة منسوبة لسيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهي حكمة صحيحة ولا غبار عليها، وقد تجلى معناها لنا في جائحة كورونا، إذ نرى من الرجال من يحمل الشهادات العليا وفي التخصصات الطبية، ثم يفاجئنا بحديث لا علاقة له بما يحمل من شهادات، وأن ما جاء به ما هو إلا نقل عن دراسات خيالية منتشرة في مواقع الإنترنت، ولو كانت صحيحة لاعتمدتها منظمة الصحة العالمية والمنظمات المشابهة في مختلف أرجاء العالم، ولكن هناك قلة من أصحاب الشهادات تروج للخرافات، كما يفعل صبيان الإنترنت، وهذه من الأمراض النفسية التي كشفتها لنا جائحة كورونا، والقصد هنا ألا نأخذ المعلومات ممن يحملون شهادات ولا يحترمونها، ولا بد من التحقق من المعلومة من مصادر موثوقة، حتى لا يختلط الأمر على القارئ أذكره بأن هناك من يحمل دكتوراة في الشريعة الإسلامية ولكننا لا نأخذ منه الدين لأنه يخالف بدهيات الشريعة الإسلامية، مثل ذلك الذي ينكر وجود صلاتي الظهر والعصر مستشهدًا بقول الله (عز وجل): "وأقم الصلاة طرفي النهار...".
دأبت (إسرائيل) على منع من يصاب بكورونا وأقاربه من الدرجة الأولى من الدخول إلى المناطق المحتلة عام 1948 في إجراء احترازي مدة قصيرة، ولذلك خشية فقدان العمل عدة أيام وجدنا شريحة واسعة من العمال وأقاربهم في الضفة الغربية، أي شخص تظهر عليه الأعراض، أو من يعرف نفسه أنه خالط آخرين مصابين؛ يرفضون إجراء فحص كورونا، وهؤلاء يتكتمون على ذلك، وقد يصل الأمر إلى التهديد بمعاقبة من يفشي الخبر أو يتوجه إلى عمل الفحص اللازم، حتى لا يمنعوا من الحصول على تصاريح عمل بسبب الإصابة أو المخالطة، وهذا التصرف ساهم بشكل كبير في الإحجام عن التوجه لمراكز الفحص، وساهم بشكل كبير في نشر الفيروس، والله وحده يعلم كم من الضحايا سقطوا نتيجة هذه التصرفات الأنانية الغبية، وهذه التصرفات فيها مخالفة للشرع، وهي من الأمراض النفسية الخفية التي كشفتها جائحة كورونا.
ختامًا أقول إنه لا بد من تحكيم العقل، والتوقف عن الاستماع إلى الخرافات، خاصة خرافة المؤامرة، وأنا لا أدرى من يتآمر علينا عندما تكون خسارة الدول الصناعية في شهر واحد بسبب الإجراءات الاحترازية تعادل دخل عشر سنوات للدول النامية، فليس هناك أي مؤامرة، وليس هناك أي مخاوف من تلقي اللقاح بإذن الله، وأطالب كل شخص بتلقي اللقاح في أقرب وقت ممكن، حماية لنفسه وعائلته ومجتمعه، ونسأل الله السلامة للجميع.