يستقبل الرئيس الأمريكي جو يايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وعلى طاولة المباحثات المواضيع نفسها التي كانت مطروحة في كل لقاءات الرئيس الأمريكي السابق ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو، فجل المواضيع اللاحقة والسابقة تتركز حول استمرار التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وهذا هو الملف الأهم، ويليه التهديد الإيراني لـ(إسرائيل)، وكيفية معالجة الملف النووي، الذي يربك الحسابات الإسرائيلية، ويفسد هيمنتها على المنطقة، ليأتي بعد ذلك ملف التطبيع مع الدول العربية المعتدلة، ودور الإدارة الأمريكية في ذلك، ثم الملف الصيني، والقلق الأمريكي من تنامي العلاقات الاقتصادية بين (إسرائيل) والصين، وأخيراً يأتي الملف الفلسطيني، على أن يبقى الوضع الراهن على ما هو عليه، وذلك من خلال مواصلة التنسيق والتعاون الأمني، وتعزيز الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية، ومواصلة التهدئة مع غزة.
لقد استبق نفتالي بينيت زيارته لأمريكا، ووضع على الطاولة مطالب الإسرائيليين، التي تتمثل -وفق المقابلة التي أجراها بينيت مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية- بالنقاط التالية:
1- معارضته إحياء الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، وتعهّد بينيت بمواصلة الهجمات السرية على برنامج طهران النووي، وقد يكون هذا الشرط يهدف إلى الابتزاز العسكري والمالي، ومع ذلك؛ فهذه هي سياسة نتنياهو تجاه الملف النووي الإيراني، وفي هذا الصدد، كشف نفتالي بينيت عن رؤيته الاستراتيجية الجديدة بشأن إيران، التي تتمثل بإقامة تحالف إقليمي مع الدول العربية المعارضة لنفوذ إيران وطموحها النووي. وأزعم أن رؤية بينيت الجديدة لا تختلف بشيء عن سياسة نتنياهو المتبعة على مدار السنوات الماضية.
2- سيستكمل بينيت مخططات توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وبغض النظر عن الموقف الأمريكي. وهذا يؤكد أن السياسة الإسرائيلية التي رسمها نتنياهو -ومن سبقه من حكومات- بشأن الاستيطان لن يحيد عنها نفتالي بينيت قِيد أُنملة.
3- استبعد نفتالي بينيت الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لأنه يعارض شخصياً أي سيادة فلسطينية على الضفة الغربية، ويبرر ذلك بضياع القيادة الفلسطينية، وهذا هو موقف نتنياهو طوال السنوات السابقة، الذي أبى واستكبر، ورفض مجرد الاتصال الهاتفي مع محمود عباس.
4- واعتبر بينيت أن حل الصراع مع الفلسطينيين يتحقق من خلال الاقتصاد، والاقتصاد فقط، وهو في هذا لا يختلف عن موقف نتنياهو، الذي اعتبر تحسن الوضع الاقتصادي للسلطة من مقومات السياسة الإسرائيلية.
5- استعداد بينيت لخوض حرب أخرى مع حماس، حتى لو كلّف ذلك سقوط حكومته، وأزعم أن نتنياهو كان سباقاً في هذا المجال، وقد خاض ثلاث حروب شرسة مع المقاومة في غزة، إضافة إلى عشرات المواجهات التي حدثت على مدار السنوات العشر الأخيرة.
6ـ التحرك بالملف الفلسطيني سيكون عبر السياقين الأردني والمصري، وأزعم أن هذه هي سياسة نتنياهو التي اعتمدت الحل الإقليمي طريقاً لحل القضية الفلسطينية.
بقي أن نشير هنا إلى الاختلاف الوحيد بين سياسة نفتالي بينيت وسياسة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية، والذي عبر عنه ماتان فلنائي نائب رئيس الأركان السابق، حين قال: واشنطن وتل أبيب مهتمتان بتقليص الصراع، وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، وهذا ما أكده وزير الحرب بيني غانتس حين قال: الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين بالنسبة لنا هي السلطة الفلسطينية، نتعاون معها أمنياً، وسنعزز مكانتها الاقتصادية.
بعد هذا الوضوح في سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية، فالمطلوب فلسطينياً:
أولاً: توافق القوى الوطنية والإسلامية على قيادة فلسطينية غير مرتبطة مع الاحتلال الإسرائيلي، تقود المرحلة بكل جرأة وشجاعة.
ثانياً: يجب اعتماد كل أشكال المقاومة طريقاً لمواجهة الاحتلال، وعدم الرهان على تبدل الحكومات الإسرائيلية والأمريكية.
ثالثاً: الفلسطينيون هم رأس الحربة، فلا تطلب من الأمة العربية النهوض، والالتفاف حول القضية الفلسطينية ما لم يُجسد الفلسطينيون ذلك عملياً.
رابعاً: ما لم يقف الفلسطينيون على قدمين من إرادة وصمود، فلن يجدوا سنداً لهم بين الأمم.