فلسطين أون لاين

حبل صاعق انفجار الأقصى يقصر يومًا بعد يوم

تتزامن الذكرى السنوية الثانية والأربعين لإحراق المسجد الأقصى هذه الأيام، مع ظاهرة باتت تتكرر وتتمثل بتنامي أعداد المستوطنين اليهود له، مع أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة انطلق أساسا بسبب القدس، حين انتفضت غزة ومقاومتها ضد مخططات تهويد الأقصى، لكن اللافت أن هؤلاء المستوطنين، ومن خلفهم الحكومة الحالية، دأبوا على رفع أعدادهم خلال اقتحاماتهم لأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين. 

قد لا يتسع المقام في هذه السطور للحديث عن أسباب عدم القدرة على الحد من زيادة ظاهرة الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى، لكن وصول هذه الأعداد إلى مستويات متقدمة، ربما زاد عما كان عليه قبل العدوان، يعني بدء العد التنازلي لفرض أمر واقع إسرائيلي مفاده عدم حظر صلاة اليهود في المسجد الأقصى فقطـ، وإنما إتاحة المجال لاقتحاماتهم هناك على مدار الساعة، رغم ما ثار من جدل مؤخرا حول حرية "الاقتحام أو الصلاة". 

فضلا عن الزيادة المضطردة في أعداد المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى خلال الأسابيع والشهور الأخيرة، فإن هناك بعض الفتاوى الدينية اليهودية ساعدت في ارتفاع هذه الأعداد، رغم وجود بعض الشرائع اليهودية التي تحظر زيارته، لكن هناك مئات الحاخامات من الوسط الديني القومي اليهودي، باتوا يسمحون بذلك، بعد أن كانوا يعارضون. 

ربما تسعى الحكومة الإسرائيلية الحالية لاسترضاء قطاعات واسعة من المستوطنين من خلال السماح لهم بأعداد كبيرة باقتحام المسجد الأقصى، رغبة منها في إبعاد تهمة "يساريتها" عن نفسها بسبب ائتلافها المتناقض الذي يجمع أقصى اليمين وأقصى ما تبقى من اليسار، لكن الذي تغفل عنه هذه الحكومة أن زيادة أعداد المقتحمين اليهود للمسجد الأقصى من شأنه أن يتسبب من جديد بتوتر للوضع الأمني داخل الأراضي الفلسطينية، وصولا إلى إشعال المنطقة، باعتبار أن أي مساس بالمسجد الأقصى يشبه فتيلا ينتظر الصاعق. 

في الوقت ذاته، لا تتجاهل قطاعات واسعة من الإسرائيليين أن ما شهدته حرب غزة الأخيرة بسبب القدس والمسجد الأقصى يذكرهم من جديد بأنها مسألة حساسة ومتفجرة، في حين لا تبدي حكومتهم الدور المأمول منها في كبح جماح هؤلاء المستوطنين، فضلا عن دعمهم وإسنادهم لأسباب حزبية داخلية بالدرجة الأولى. 

ليس سراً أن المسجد الأقصى سيبقى صاعقا ذا فتيل قصير، بدليل اندلاع الحرب الأخيرة في توقيت إشكالي غير متوقع للإسرائيليين، لكن عودة المستوطنين للاقتحامات، وكأن شيئا لم يكن، يجب أن يذكر جميع الأطراف، الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والإسلامية والدولية، ذات العلاقة بهذه المسألة الحساسة، بأن حبل الصاعق يقصر يوما بعد يوم.