بلاد الأفغان بلاد فقيرة البلاد واسعة جغرافيا، لكن الناتج المحلي ضعيف. الاحتلال الأميركي لعشرين سنة خلت زاد البلاد فقرًا، وأسس لفساد إداري ومالي بقيادة القيادات الموالية له، وهؤلاء ازدادوا غنى بأكلهم قوتَ الشعب في ظل رعاية أميركا التي أنهت وجودها مؤخرا، فلم تعد لها مصالح راجحة في أفغانستان.
البلاد الواسعة الفقيرة ماليا هي بلاد غنية بالرجولة والدين، لذا كانت مقاومة الأفغان للسوفييت ثم للأمريكان مقاومة تسترشد بتعاليم الدين الإسلامي، ثم بأخلاق رجال الجبال الذين يرفضون الذلة للمحتل، والعدو، ولو كان العدو يتفوق عليهم عسكريا وأمنيا.
رجال الجبال هؤلاء منعوا العدو أن يحتل بلادهم في التاريخ الماضي، وهم الآن يحررونها من الاحتلال الأميركي ومن سلطة كابل العميلة للأمريكان. رجال الجبال الأشداء هؤلاء يصرون على قيام الدولة الإسلامية، ومن ثم الاحتكام إلى الشريعة، وهم يعلمون أن الغرب وجل دول العالم تهاجم الإسلام وتحرض على الدولة الإسلامية، وهو ما يهدد مصالح أفغانستان مع دول العالم، ولكن موقفهم من دولة الإسلام هو موقف مبدئي لا تردد فيه، ومن بعد ذلك تأتي المصالح، هكذا هي سياستهم المعلنة.
طالبان التي تسلمت حكم البلاد أرسلت لدول العالم تطمينات تشرح بعض مبادئها الأساسية في التعاملات المستقبلية، واهتمت بتطمين المرأة وحقها في التعليم، والأقليات، والأجانب والسفارات. ولكن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يسرها انتصار طالبان وتحملها مسؤولية الحكم في البلاد بلا منازع، لذا هي تشن حملة إعلامية شرسة ضد طالبان، وتتهمها بالتعاون مع حماس، وأنها ستجعل من بلاد الأفغان مساحة مفتوحة للمنظمات الإرهابية بحسب التسمية العبرية، وذلك بتوفير مكان التدريب، ومصدر تهريب السلاح؟!
دولة الاحتلال تقود عملية إعلامية لمحاصر طالبان في علاقتها بفلسطين وبالمقاومة الفلسطينية، قبل أن تبدأ هذه العلاقة، وهي تضع ما هو محتمل وكأنه واقع فعلا، وكأن سلاح الأفغان على أبواب غزة وفلسطين المحتلة! الأفغان لديهم مشكلاتهم الخاصة والعميقة والعديدة، ولا يملكون فائضا يصدرونه لخارج بلادهم، هم يبحثون عن الدولة وعن مؤسسات الدولة، ويبحثون عن حياة كريمة بعد سنوات طويلة من الاحتلال.
أفغانستان بلاد مهدمة، تنتظر البناء، وما هو أمام طالبان في أفغانستان يشغلها ولا شك عن الخارج، ودعاية (إسرائيل) تستهدف حصار هذه البلاد، وزيادة الضغط عليها لكي تتخلى عن الدين وعن رجولة الرجال، وأفغانستان وإن كانت بعيدة جغرافيا عن فلسطين المحتلة فإن دعاية المحتل الصهيوني تجعلها كأنها على مقرط العصا من غزة!