سربت وسائل إعلام عبرية أن دولة الاحتلال ستسمح للفلسطينيين ببناء 800 إلى 1000 وحدة سكنية فيما يسمى مناطق "C" في الضفة الفلسطينية، ولم يصدر أي تصريح رسمي عن حكومة الاحتلال لتأكيد ذلك، وادعى الإعلام العبري أن تلك الخطوة تأتي من أجل تحقيق عدة أهداف، منها استرضاء الإدارة الأمريكية، والتقرب منها من جانب رئيس وزراء العدو الجديد بينيت، ودليلًا على أن دولة الاحتلال ملتزمة بحل الدولتين، وكذلك تقديم بادرة "حسن نية" للسلطة الفلسطينية من أجل المضي قدمًا في تمتين العلاقات بين الطرفين، لضمان استمرار الهدوء والأمن في مناطق الضفة الفلسطينية.
هذه ليست المرة الأولى التي يقرر فيها الاحتلال السماح للفلسطينيين بالبناء في مناطق "C"، ويكذب من يقول إنها بادرة غير مسبوقة، إذ سبق أن قرر الاحتلال ذلك ووعد بالسماح ببناء آلاف الوحدات السكنية وألغي القرار، ومرة أخرى قرر السماح ببناء ألف وحدة سكنية ولم يسمح ببناء سوى 6 وحدات، هدم مقابلها مئات الوحدات السكنية في القدس والضفة الغربية، أي أن الخبر كله مجرد وعد لن يرى النور، وإنما جاء للتغطية على غض بصر أمريكا عن استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وبناء أكثر من 2000 وحدة سكنية للمستوطنين.
الأهم من كل ذلك أن ما وعد به العدو الإسرائيلي ليس بادرة "حسن نية"، ولكنها قمة الوقاحة والاستخفاف بالسلطة الفلسطينية، لأن وعد السماح هنا يعني تأكيد سيطرة العدو على مناطق "C" وتأكيد ممانعته تصرف الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67 بأراضيهم، وفي ذلك مخالفة صريحة وواضحة لاتفاقية أوسلو المشؤومة التي لا ولن نعترف بها، مهما طال الاحتلال لمناطق 67 أو لمناطق 48؛ فكلها عندنا سواء وكلها مناطق فلسطينية تنتظر التحرير.
الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي متفقان على استمرار عملية الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس، ومتفقان على أنه لا يمكن إقامة دولة فلسطينية حسب اتفاقية أوسلو، وإنما يمكن إقامة كانتونات متفرقة في مناطق "A" أقرب إلى نظام الحكم المحلي منها إلى نظام الدولة، وما يهم الطرفين الآن هو اختلاق أكاذيب ووعود زائفة لتسكين الشارع الفلسطيني وتخديره، ولدعم السلطة الفلسطينية ماليًّا حتى لا تسقط، وفي الوقت ذاته لا تقوم لها قائمة، أي في إطار سياسة: "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم"، ولكن ستكتشف كل الأطراف المتآمرة على شعبنا أن مخططاتهم ستذهب سدى، وأن القرار بيد الشعب الفلسطيني ومقاومته، فالاحتلال إلى زوال وأوسلو انتهت ولا عودة لها، والمرحلة القادمة هي مرحلة الحسم بين المقاومة الفلسطينية والمحتل الإسرائيلي، وعقارب الساعة لا تعود إلى الخلف، ودولة الاحتلال لن تعود إلى القمة مجددًا بعد هزائمها المتكررة، خاصة في معركة سيف القدس.