بدت حكومة (نفتالي بينيت-يائير لابيد) الائتلافية الجديدة، تواجه أول امتحانٍ لها، بعد أن تسلمت مهام عملها، وبعدما سعت باتجاه إقرار ما يُسمى (قانون المواطنة) ومنع "لمِّ الشمل" الذي ينطوي على قضية مبدئية بالنسبة للقضية الفلسطينية، حين يمنع مبدأ "المواطنة" و"لمِّ الشمل" لفلسطينيي الداخل، وينكل بهم أيما تنكيل، مع الحط من حضورهم كمواطنين أصليين من أبناء الوطن الأصلي.
بنيامين نتنياهو، يلعب لعبة "النفخ" في تلك القضايا بعد خسارته في الانتخابات الأخيرة. ويخوض معركة سياسية مع منافسيه داخل حزب الليكود، الذي يشهد حالة من التوتر والغليان التي تُشير إلى بوادر تمرد داخله ضد رئيسه بنيامين نتنياهو، الذي فشل في تشكيل حكومة يمين خلال أربع جولات انتخابية.
وقد شهدت الفترات الأخيرة ارتفاعًا في حالة التوتر والاضطرابات داخل حزب الليكود، وذلك بسبب تمسك نتنياهو بمنصب رئيس الحزب (حزب الليكود) وعدم إبداء أي نية، أو استعداد للاستقالة أو التنازل عن موقع رئاسة الحزب لصالح شخص آخر من قيادة الحزب، حيث هناك أكثر من مرشح لقيادة الحزب في المرحلة التالية.
وطالت حالة التوتر الداخلية العديد من أعضاء الكنيست في الليكود، حيث تتجه أنظارهم إلى المناصب القيادية، في قيادة الحزب، وبعضهم شرع بالتحركات من خلال التخطيط لعقد مؤتمرات داخلية بالحزب خلال الأشهر القريبة، لتأليب المناخات والأجواء ضد نتنياهو، حيث لا يستبعد أن يطلب بعضهم إجراء انتخابات داخلية وتمهيدية لرئاسة الحزب، وكذلك إجراء انتخابات في فروع الحزب في "إسرائيل". لذلك تجري في هذه الفترة عملية تنسيب لأعضاء جُدد لليكود من جميع المناطق، مع التوجُّه لإجراء انتخابات داخلية بالفروع، علما أن الشخص الذي يعمل على تعزيز سلطته من خلال مثل هذه الانتخابات هو وزير المالية السابق (يسرائيل كاتس) المنافس لنتنياهو، والذي يشغل منصب رئيس السكرتاريا العامة ويتطلع لرئاسة الليكود بدلا من بنيامين نتنياهو. لذلك فإن (يسرائيل كاتس) يواصل التحدث وإجراء المقابلات حول القضايا الاقتصادية والملفات السياسية، وزاد نشاطه في الحزب في الفترات الأخيرة.
وفي حقيقة الأمر، لم تكن خسارة نتنياهو في الانتخابات مُبكّرة، بل كانت علاماتها ترتسم على أرض الواقع، وقد صنعت من نتنياهو بطلًا في نظر أوساط أكثر يمينية في حكومة (نفتالي بينيت-يائير لابيد)، في الوقت الذي يُلاحق فيه بنيامين نتنياهو بعد اثني عشر عامًا من حكمه بالشتائم وبتلك "الكارثة السياسية" التي تلاحقه بتهم الفساد والرشاوى، وزادت بعد هزيمة نتنياهو عام 1999، فوصلت به الأمور إلى "العمى السياسي" وإلى "الهاوية"، وهو صاحب نظرية "فقدان الشريك الفلسطيني". وفي ذاك الوقت تبلور الواقع الذي نعيش فيه حتى اليوم، وتكرّست معطياته، مع الذين اختلقوا ادعاء "عدم وجود شريك فلسطيني"، وهنا تعاظمت الكراهية بين العرب واليهود إلى مستوى غير مسبوق، وهناك ولدت ما يُسمَّى بـ"التخوفات الوجودية" التي زادت العنف والتحريض، وتم إقصاء الأمل اللغة السياسية. لذلك يتوقع أن يكون نتنياهو في المعارضة أكثر تطرفًا مما كان عليه في الحكومة، والأقطاب المكوِّنة لهذه الحكومة الائتلافية الجديدة، جميعها تقريبًا، والتي لم توجه أي كلمة نقدية تجاه سياسة بنيامين نتنياهو.
أخيرًا، إن الفترات الأخيرة قادت بالليكود لاستيعاب مواقف المعارضة في بعض مشاريع التصويت في الكنيست كالمصادقة على الميزانية وقانون التسويات، والتخفيف من الصراعات الداخلية، داخل الليكود، وذلك بعد القناعة لدى شريحة من أعضاء الحزب أن نتنياهو الذي يرأس المعارضة لا يظهر أي مؤشر على نيته الاستقالة من قيادة ورئاسة الحزب، مع توجيه أصابع الاتهام لبيئته ولشخصيات مقربة منه وتحميلها المسؤولية عن ذلك.