اعتقال ومن ثم محاكمة يتلوها تمديد للاعتقال، ومع اقتراب موعد الإفراج تلجأ سلطات الاحتلال إلى تمديد الاعتقال مرة ثانية وثالثة؛ هكذا كانت ظروف الاعتقال التي يمر بها المعتقلون إداريًّا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينهم علي الجدع من بلدة حبلة، جنوب مدينة قلقيلية في شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وعلى الرغم من عمل الجدع في مدارس بلدته، وعدم وجود أي تهمة يمكن أن توجه له، فإن قوات الاحتلال اعتقلته أكثر من مرة، آخرها في 16 مارس/ آذار 2019.
يقول الجدع لـ "فلسطين": في بداية الاعتقال يجد الأسير نفسه مأخوذًا من بيته إلى أحد مراكز شرطة الاحتلال بهدف استجوابه مدة ربع ساعة فقط، واحتجازه 72 ساعة قبل عرضه على محكمة الاحتلال العسكرية، ولاحقًا تصدر محاكم الاحتلال حكمها بالسجن الإداري لمدة 6 أشهر.
ويضيف: "لا تجد في يدك أي شيء لتفعله أمام منظومة الظلم التي يفرضها الاحتلال، ولكن الأكثر ظلمًا هو سجنك دون توجيه أي تهمة، وعندما تصر على معرفة سبب الاعتقال يقال لك يوجد ملف سري، وحرصًا على مصدر المعلومة لن يُطلَع أحد عليه".
"عندها تعرف فقط أنك تتعرض لعذاب من نوع خاص، وتُحرَم حريتك دون سبب، وتعيش ظروفًا حياتية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، سواء كان من الطعام أو العلاج أو حتى الزيارات العائلية" كما تابع الجدع.
وترك اعتقال الجدع إداريًا وتجديده أربع مرات، تداعيات خطرة على عائلته، كما يقول.
وما بين الاعتقال وحلم الإفراج، عاش الجدع ظروف اعتقال صعبة، حيث إن المعتقل إداريًا يُحبَس مع المعتقل المحكوم جنائيًا، بما يخالف حتى القانون الإسرائيلي، فالمعتقل الإداري يحق له ظروف اعتقال أفضل من الجنائي، لكن ذلك مفقود في سجون الاحتلال.
وبيّن أن المعتقل إداريًا يُحرَم أبسط أنواع الطعام مثل الزعتر، والطحين، والحليب والبهارات، والكاسات الزجاجية والملاعق الصغيرة.
وأكد أن حرمان الأسرى الكثير من الاحتياجات البسيطة، أمر تفرضه سلطات الاحتلال بهدف ممارسة ضغوط نفسية وإذلالهم، فضلاً عن عمليات التفتيش المفاجئ لغرف الأسرى، التي يُخرّب خلالها جنود الاحتلال مقتنيات الأسرى دون أي مبرر.
ولفت إلى أنه رغم إصابته بمرض الضغط فإنه كان يعاني بشدة الإهمال الطبي، إذ كان يحتاج إلى فحص ضغطه يوميًّا تجنبًا للإصابة بمضاعفات تتعلق بالقلب، إلا أنه وعلى مدار فترة سجنه لم يلتقِ بأي طبيب مختص ليطلعه على حالته الصحية.
أما زوجة الأسير أحمد أبو سل، من مخيم العروب في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، فتعيش هي الأخرى حياة مضطربة، إذ إنها ما إن أن تهنأ بالإفراج عن زوجها من سجون الاحتلال حتى يُعتقَل مرة ثانية، والحكم عليه بالسجن لأشهر تُمدّد دون توجيه أي تهمة لتعيش هي وابنها ذو العام وستة أشهر وحيدة في انتظار الإفراج عنه.
أشهر وأيام عاشتها ولا تزال تعيشها أماني أبو سل، وحيدة برفقة طفلها تنتظر كل ليلة حرية زوجها ليعيد الحياة لبيتهم، ولتتمكن من الشعور بالأمان والسعادة في منزلها بوجوده بينهم، ولتطمئن على زوجها الذي خاض إضراباً عن الطعام لمدة 16 يومًا لوقف اعتقاله الإداري.
تقول أبو سل: "إن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل أحمد دون توجيه أي تهمة له سوى أن هناك ملفًا سريًّا، لا يمكن إطلاع أي أحد على المعلومات التي فيه، والتي بناء عليها اعتقل زوجي، وهو ما دفعه إلى الإضراب عن الطعام احتجاجًا على هذا الاعتقال".
وتضيف: "إضراب أحمد استمر ستة عشر يومًا تسببت بنزول وزنه 11 كيلو، وتسبب ذلك بحالة من الخوف على صحته، ولاحقًا تمَّ التوصل لاتفاق يقضي بفك الإضراب مقابل الإفراج عنه بعد ثمانية أشهر".
وتبين أن الاحتلال أصدر بحق أحمد ثلاثة أوامر اعتقال إداري، وهو أسير سابق أمضى أكثر من 5 سنة، وله شقيق آخر معتقل وهو محمود أبو سل، ويقبع اليوم في زنازين سجن النقب.
ولفتت إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت زوجها، دون أي تهمة، وعند سؤال إدارة السجون، يخبرونك أن ملفه سري لا يطلع عليه أحد.