على مدار سنوات الانقسام تقدَّمت كثير من الجهات بمبادرات لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني ولكن تلك المحاولات فشلت دون استثناء، وبعد تعطيل الانتخابات الفلسطينية الأخيرة وانتصار المقاومة في معركة سيف القدس تجدد طرح مبادرات الإصلاح، ومنها ما طرحه القيادي في حركة فتح الدكتور نبيل عمرو وكذلك ما طرحه بالأمس الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية.
أرى أن تجاهل الأسباب الحقيقية للانقسام وتجاهل ما تم الاتفاق عليه وعدم تسمية الأمور بمسمياتها والانطلاق من نقطة الصفر في كل مبادرة هي الأسباب الرئيسة لفشل تلك المبادرات أو حتى لعدم اكتراث اي جهة بدراستها أو الاطلاع عليها بشكل جاد.
نحن لدينا اتفاقات مكتملة وموقعه من كل الفصائل الفلسطينية وأهمها اتفاقية القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، وبالتالي المطلوب تنفيذ تلك الاتفاقات أو تحديد الجهة المعطلة لتنفيذها والجهات التي غيرت وبدلت في بنودها، وأنا أقولها بصراحة أن حماس وافقت على اتفاقية القاهرة ووافقت على التعديلات التي طالبت بها حركة فتح واليسار الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بنظام الانتخابات، ومع ذلك لم تنفَّذ تلك الاتفاقات، فالجهات المعطلة معلومة وعندما نتحدث عن مبادرات جديدة لا بد من توضيح هذه النقاط.
لم ننجح في تنفيذ الاتفاقات لأن فصائل منظمة التحرير عطلتها ووصلنا إلى نتيجة أن الذهاب إلى انتخابات عامة قد يخرجنا من المأزق الذي نحن فيه ويوفر علينا جهود الحوارات غير المثمرة، وتم إصدار مرسوم للانتخابات وقامت لجنة الانتخابات بعملها ثم صدر مرسوم رئاسي بتأجيل الانتخابات بذريعة عدم موافقة الجانب الإسرائيلي على إجرائها في القدس، علمًا بأن (إسرائيل) لم تعلن رفضها للانتخابات، وأن قادة فصائل منظمة التحرير ومنهم قادة فتح أعلنوها بكل وضوح إننا ذاهبون إلى الانتخابات وسنجريها في القدس رغم أنف الاحتلال ويمكن العودة إلى تصريحات السيد جبريل الرجوب ومحمود العالول وغيرهم ممن تحدثوا بحماس شديد عن إصرارهم على خوض الانتخابات، ولكن الانتخابات تعطلت حين ظهرت ثلاث قوائم لحركة فتح وفشلت كل المحاولات لتوحيدها فكان تأجيل الانتخابات نتيجة حتمية، ولذلك لا جدوى من مبادرات جديدة، ولا بد من إقناع صاحب القرار بإجراء الانتخابات، وأنا على ثقة أنه ما لم تتوحد حركة فتح لن تغامر الرئاسة الفلسطينية بخوض الانتخابات؛ لأنها انتخابات غير مضمونة وقد تخسر القيادة الحالية شرعيتها لقيادة حركة فتح من خلال صناديق الاقتراع، وهذه خسارة لا يمكن تقبلها ولا القفز عنها، وهذا هو السبب الحقيقي لتأجيل او تعطيل الانتخابات الفلسطينية، فالقضية ليس قضية انقسام ولا دخل للعدو الاسرائيلي بالمسألة.
وإن كانت الانتخابات التشريعية عقبة فإن انتخابات المجلس الوطني معضلة لا يمكن حلها بانتخابات طبيعية، وقد ذكرت منذ سنوات أن انتخابات المجلس الوطني لن تكون ولن تتم إلا بتشكيل مجلس وطني توافقي حتى تضمن بعض فصائل منظمة التحرير استمرار وجودها على الساحة الفلسطينية لأنها بالانتخابات ستختفي نهائيًّا.
في الختام أنصح كل من يتقدم بمبادرة أن يسمي الأشياء بمسمياتها ويذكر لذوي الفضل فضلهم من ذلك عندما يتحدث الأخ نبيل عمر أو مصطفى البرغوثي على الانتصار الأخير في المعركة الأخيرة فلا يجوز نسب الانتصار فقط لأهلنا في القدس وفي الضفة الغربية وفي أي مكان آخر مع التناسي التام لصاحب الفضل في ذلك وهي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، يعني مش رح تخسر لو قلت "الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة" يا أخ نبيل عمرو ويا أخ مصطفى البرغوثي، المقدسيون يعلمون ويعترفون بأن المقاومة في غزة هي التي ساندتهم وانتصرت لهم فلماذا يصعب عليكم الاعتراف بهذه الحقيقة، أنا لا أطالبكم بتمجيد كتائب القسام التي قادت المعركة والانتصار في معركة سيف القدس ولكن دعونا نتحدث عن المقاومة دون تخصيص حتى لا نتجاهل دور حركة الجهاد الاسلامي التي أبدعت في سيف القدس ولا نتجاهل باقي الفصائل المقاومة وإن كان دورها متواضعًا مقارنة بحركتي حماس الجهاد، وكذلك عندما نرفع من شأن مقاومة أهلنا في بيتا وكأنها لا مقاومة شعبية غيرها ونتجاهل مسيرات العودة وعمليات الإرباك الليلي في غزة فهذا ظلم محض، ومن علم بيتا الإرباك الليلي سوى أهلنا في غزة؟؟ من علّمهم أساليب مضايقة المستوطنين سواهم؟ مع تقديري التام لبطولات أهلنا في بيتا في الضفة الغربية، فإنه لا يجوز ظلم غزة حتى في مقاومتها، ألا يكفيها حصارها ومنعها الحصول على حقوقها؟