خرج وزير أوقاف عربي في لقاء على إحدى الفضائيات ليحذر من جماعة الإخوان المسلمين، وادعى أنها السبب في دمار الأوطان والشعوب العربية دون أن يستحضر أي دليل على مزاعمه، ولكن الله عز وجل فضحه بجملة واحدة قالها الوزير، وهي أن "حجاج بيت الله الحرام هذا العام غالبيتهم من المسلمين"، حتى أصبح أُضحوكة الموسم، ولكن هل يجوز أن نعده غبيًّا في أمور ونصدق بقية أكاذيبه؟ وهذا مثال واحد يظهر لنا طبيعة من يتصدرون المشهد ويحاربون الشعوب الإسلامية ويعرقلون نهضة الأمة.
جماعة الإخوان ظهرت بعد سقوط الخلافة الإسلامية ووصول الأمة إلى الحضيض، وتحتاج إلى من يرفعها، الإخوان ظهروا في وطن يحكمه أذناب الاستعمار ودكتاتوريات جرعت الشعوب الذل والهوان، ولم تظهر في دول متقدمة حتى يدعي البعض أنها دمرت الأوطان، لأنها أوطان مدمرة أصلا، ومنهوبة ثرواتها ومعطلة نهضتها، فالقول أن الإخوان دمروا الأوطان لا يختلف عن قول أن غالبية حجاج بيت الله الحرام من المسلمين.
أعداء الشعوب حكموا الوطن العربي عقودا من الزمان حتى أصبحنا مضربا للمثل في التخلف والرجعية والظلامية، ولا ينكر هذا الحال سوى الحمقى، ولذلك ظهرت الثورات العربية من أجل تغيير الواقع الأليم، ولكن التغيير يقتضي صراعا مريرا مع التخلف ومع أذناب الاستعمار ومع أعداء الدين من العرب، ولهذا رأينا المؤامرة الكونية على ثورة الشعوب العربية، ونحن لا نستطيع أن نقنع العالم بألا يتآمر علينا ولكن علينا أن نحاول إقناع المخدوعين من أبناء جلدتنا أنهم على خطأ وأن المضللين منهم جعلوا من أنفسهم عونا لأعدائهم في تمرير المؤامرة.
على العربي أن يفهم أن الهدف من الانتخابات ليس رفع حزب أو إسقاط حزب، بل الهدف هو إنقاذ العربي مما هو فيه، وإنقاذ الوطن مما هو فيه، والأصل أن يكون ذلك بطريقة ديمقراطية راقية، وقد قال الرئيس التونسي السابق الدكتور منصف المرزوقي تعليقا على ما فعله الرئيس قيس سعيد: إن تونس حازت تذكرة الدخول إلى منظومة الدول المتقدمة بثورتها المباركة وبقبولها بالديمقراطية، ولكنها فقدت تلك التذكرة بالانقلاب على الثورة وعلى الدستور والقانون، وقال أيضا: إن الدول المتخلفة تحل خلافاتها السياسية بالعنف والقمع والقتل، أما الدول المتقدمة فتحلها بالقانون والدستور والانتخابات.