هل ثمة ما يمكن أن يقال في خبر إقالة وزير الداخلية الفرنسي الخطيبين المسلمين من الخطابة في المسلمين يوم الجمعة؟ الخبر الذي لم ينكره وزير الداخلية الفرنسي حصل بناء على شكوى من فرنسية زعمت أن الخطيب يقلل من شأن المرأة. ووزير الداخلية زعم أن آيات القرآن التي تناولها الخطيب في خطبته تتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية في شأن المرأة. الخطيب تناول آيات من سورة الأحزاب تتحدث عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم. الخطيب دافع عن موقفه وقال لم أقلل من شأن المرأة ولم أعارض خروجها للعمل. وزير الداخلية تمسك بموقفه رغم حساسية الموقف وتداعياته.
إذا ثمة ما يمكن قوله لفرنسا بصفتها الدولة القديمة الحديثة التي تحارب الإسلام والمسلمين. تاريخيا كانت فرنسا الدولة التي تقود الحملات الصليبية على بلادنا الإسلامية، وقد واصلت حربها ضد المسلمين والإسلام لسنوات طويلة، وفي عصرها الحديث كانت الدولة المشاركة في تحالف الدول التي مزقت العالم الإسلامي وسيطرت على مقدرات المسلمين فيما عرف في التاريخ بالاستعمار الحديث. فرنسا ما زالت تحمل في أحشائها جرثومة العداء للإسلام والعداء للمسلمين، وهي واحدة من الدول التي دعمت (إسرائيل) في احتلالها فلسطين.
هذا التاريخ الاستعماري الصليبي لا يمكن للمسلمين أن ينسوه لأن فرنسا اليوم واحدة من الدول الكبرى، أو الدول الديمقراطية، فديمقراطية فرنسا لأبنائها ولمن هم من أصحاب العيون الزرقاء، والمعادين للإسلام، أما المسلمون فهم تحت سيف قيم الجمهورية الفرنسية التي يتعارض بعضها مع قيم الإسلام، ومنها حربها المسعورة ضد الحجاب.
وزير الداخلية المغفل يحسب أن إقالة خطيب الجمعة حدث عادي يشبه إقالة موظف من وظيفة مدنية في مصنع أو مؤسسة. الأمر ليس كذلك، وزير الداخلية يقيل ممثلًا يمثل قيم المسلمين عندما يقف على منبر الجمعة خطيبا ويلتزم ما جاء في سورة الأحزاب فيما يخص المرأة، وإقالته بزعم مخالفة القرآن قيم فرنسا فيه نشر بذور حرب قيم بين قيم الإسلام التي لا تعلوها قيم، وقيم فرنسا التي هي جزء من صناعة بشر هم في ذواتهم منحرفون في دينهم.
أنا لا أدافع هنا عن الخطيبين، وإنما أدافع عن قيم الإسلام، بصفتها القيم السماوية التي تعلو غيرها من صناعة البشر، وهي قيم يعبد بها المسلمون ربهم حيثما كانوا في فرنسا أو السعودية أو أي مكان آخر، وهي قيم ثابتة لا تتغير بتغير الأمكنة والأنظمة السياسية. لا يجوز لفرنسا أن تتهم آيات سورة الأحزاب بأنها مجحفة بحق المرأة. يمكن لفرنسا تطبيق قيم مخالفة للإسلام على المرأة، ولكنها لا يمكنها اتهام قيم الإسلام بأنها تجحف بحقوق المرأة.