نجد أن هنالك من وراء زيارة ترامب إلى المنطقة هدفًا أساسيًّا، وهو تكوين نظام عالمي جديد، والعمل على تغيير وإذابة النظام الإقليمي القائم بالمنطقة بما يخدم مصلحة كيان الاحتلال وأمريكا بالتنسيق مع دول غربية وأوربية، بما يلبي مصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط وعمقها الإستراتيجي، ونجد إرهاصات ذلك في الحروب القائمة بالمنطقة، التي تقف خلفها الولايات المتحدة وأجهزة المخابرات الغربية، وكذلك الحروب الإلكترونية وصفقات التسلح الكبرى، إضافة إلى إشعال الحروب في المنطقة العربية في ليبيا واليمن وسوريا وسيناء، وقتل الآلاف من خيرة أبناء أمتنا يستمر برايات ووجوه عدة تمهيدًا لإعادة صياغة المنطقة العربية وفق خطة سايكس بيكو جديدة، فلقد سبق ذلك تصريحات أمريكية بشأن مخطط الفوضى الخلاقة، ومخطط شرق أوسط جديد دعا إليه الصهيوني ليفي.
نجد أن السعودية وحلفاءها من دول الخليج وبعض الدول العربية يثقون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذا رهان غير محسوب؛ فأمريكا تأخذ الدعم الهائل بإبرامهما مجموعة صفقات مع السعودية خلال الزيارة الخارجية الأولى لترامب، وصلت قيمتها إلى 480 مليار دولار أمريكي، ووصفها بعض بصفقة القرن، اعتقادًا أن الولايات المتحدة ستحمي دول الخليج من التهديدات الإقليمية المزعومة، ولكن ذلك كله جزء من مخطط كبير لإشعال المنطقة وإعادة رسم حدودها، ولكن الجديد بالأمر أن تكلفة هذا المخطط قد دفعت من خزائننا العربية لخدمة المطامع الصهيوأمريكية.
إن المتتبع لتغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى حديثه عن أن توفير الأمن للخليج لن يكون بالمجان، وللحقيقة أقول إنه نجح في انتزاع مبالغ هائلة من المال، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد قبضت ثمن حمايتها المزعومة من دولة الخليج، فترامب ينظر إلى الخليج أنه كومة من المال يجب نهبها، وبذلك يدعم خزينة بلاده واقتصادها، يأتي ذلك كله على حساب التهويل الإعلامي الذي تقوم به الولايات المتحدة بأن إيران تمثل خطرًا على عروش الخليج واستقراره.
فهل يكون هذا كله مقدمة لتدخل أمريكي عسكري في سوريا واليمن؟، إن تسابق دول الخليج إلى شراء السلاح بصفقات ضخمة يدل ذلك على حالة الهلع والخوف التي تنتاب قادة هذه الدول توجهها كبرى شركات السلاح الأمريكية، وهي الأطراف المستفيدة من ذلك ماليًّا في حال تدهور الحالة الأمنية بالإقليم بين محور أمريكا وحلفائها ومحور إيران وحلفائها في المنطقة.
إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيواجهون صعوبة كبيرة في رسم سياساتهم الشيطانية في المنطقة، لأن الجماهير الإسلامية واعية للخطر الأمريكي والغربي في حربه على المنطقة التي يعدها امتدادًا للحروب الصليبية، وأقصد هنا الرأي العام للشعوب الإسلامية لا الأنظمة السياسية الحاكمة، التي تعد الوجود الأمريكي وتدخلاته صمام أمان لبقائهم في مناصبهم والانغماس في ملذاتهم، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة حالة من الغربة والتفتت تحجبها عن قضاياها المركزية في المنطقة.
الاجتماعات والمؤتمرات العربية والإسلامية التي عقدت في حضور ترامب بالسعودية ما هي إلا مقدمات لقيام نظام إقليمي جديد موالي للسياسات الأمريكية، ويطبق توجيهاتها وأوامرها في الإقليم.
ترامب زيارته إلى الأراضي المحتلة حملت تداعيات سلبية، خاصة زيارته المشؤومة إلى حائط البراق، التي شكلت انحيازًا جديدًا في السياسة الأمريكية لمصلحة كيان الاحتلال، فنجد ترامب يحمل في داخله المعتقدات الصهيونية، ويسعى إلى ترسيخها وتطبيق اعتقاداته الكاذبة المزيفة، ستسقط المؤامرات، وعلينا أن نستعد إلى الأسوأ؛ فالمؤامرة على شعبنا كبيرة، ولم نفقد إرادتنا للانتصار، وسنصمد لأننا أصحاب حق، مع أن الدول العربية لم تعد تتصدى لسياسة ترامب المنحازة، لأنها أصبحت أغلبها تسير في فلك السياسية الأمريكية ورؤيتها في المنطقة.