نحن الآن بحاجة إلى وحدة الكلمة السياسية في الضفة وغزة. لا أريد أن أتحدث عن انقسام شعبي، فهو مجرد وهم لا وجود حقيقي له، إن كانت هناك فئة قليلة تريد لذلك الوهم أن يصبح حقيقة فتلك مجرد أماني كاذبة، هناك بضع فئات تعمل ضد الشعب الفلسطيني ووحدته، ولكن تلك الفئات لا تمثله لا من قريب ولا بعيد، منهم الانقساميون، ومنهم أولئك الذين يتراقصون في روابي ويتجمعون بغية إثبات وهم آخر بأن الشعب الفلسطيني يريد هذا النمط المخزي من الحياة، ولكن هذه الفئة أيضا مرفوضة من عامة الشعب، وقد رأينا كيف تجسدت وحدتنا الوطنية الحقيقية في أثناء معركة سيف القدس دفاعا عن القدس وعن حرية شعبنا في قطاع غزة، والقصد أن الشعب الفلسطيني ملتف حول ثوابته وحقوقه ومقدساته وكل ما من شأنه تعزيز كبريائه وعزته والمحافظة على كرامته.
أمريكا وحلفاؤها يعملون على تخفيف المعاناة في غزة حتى لا تغضب المقاومة الفلسطينية وتتعرض (إسرائيل) للخطر، وفي الضفة الغربية يفكرون في تحسين الوضع الاقتصادي حتى لا تسقط السلطة الفلسطينية وتتعرض (إسرائيل) للخطر، أي أن لديهم هدفا محددا هو حماية أمن الكيان الإسرائيلي فقط، ولكنهم لا يفكرون بعقلية الإنسان الذي يسعى إلى رفع المعاناة عن شعب محاصر في غزة ومحتل في الضفة الغربية، ومن الواضح أن الاهتمام بالشعب الفلسطيني؛ واقعه ومستقبله غير موجود على قائمة اهتماماتهم وأولوياتهم.
نحن بدورنا لا يجب أن نكون مجرد بيدق على رقعة الشطرنج الأمريكية، نحن قادرون على فرض إرادتنا وتحقيق بعض أهدافنا إذا ما غيرنا وبدلنا من الطريقة التي نتعاطى بها في صراعنا مع الاحتلال وأعوانه.
المقاومة في قطاع غزة تحاور وتفاوض بشكل غير مباشر من أجل رفع الحصار عن غزة، وإنقاذ المقدسات، وتحسين الحياة في الضفة الغربية، والسلطة الفلسطينية وضعت شروطا على الاحتلال حتى تعود إلى طاولة المفاوضات، وهذا يعني أننا نعمل باتجاهات مختلفة. المقاومة أثبتت أنها قادرة على تحقيق أهدافها، مثل: الصمود في وجه الحصار مهما طال، وكذلك إجبار العدو على الرضوخ لشروطها كما حصل في صفقة وفاء الأحرار، ولكن مفاوضات السلطة مع الاحتلال لم تجلب لنا سوى المزيد من الاستيطان في الضفة وتهويد القدس، وكل الإنجازات الوهمية التي يتحدثون عنها في الأمم المتحدة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولذلك لا بد أن تتوحد الكلمة السياسية وتضع السلطة يدها بيد المقاومة فتعملان سويا على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني للوصول إلى حلول سياسية مع العدو على أساس اتفاقية القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، بدلا من إضاعة الوقت في تجاذبات سياسية عقيمة، علما أن الوقت لا يعمل لصالح منظمة التحرير بل لصالح المقاومة، وأمريكا ودولة الاحتلال تريان ذلك رأي العين، وتحاولان إجهاض ما تقوم به المقاومة ودعم السلطة على الاستمرار، ونحن لا نريد للسلطة أن تسقط، بل نريد لها أن تثبت نفسها بالانتخابات، والالتزام بالدستور، والعمل من أجل مصالح شعبنا وحمايته، والمحافظة على حقوقه وثوابته.