تمنيت لو شارك السيد محمود عباس في الملتقى البرلماني الدولي لدعم القضية الفلسطينية، والذي عُقد في غزة قبل عدة أيام، وشارك فيه -عبر الفيديو- الكثير من برلمانيي الدول العربية والإسلامية والدولية، بحضور حشد من النواب والشخصيات الوطنية والتنظيمية.
تمنيت مشاركة السيد محمود عباس في الملتقى البرلماني الدولي لا ليستمع إلى كلمات الدكتور أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، وهو يتحدث عن اعتقال العدو الإسرائيلي 12 نائبًا من نواب المجلس التشريعي، ولا ليستمع لكلمة الدكتور محمود الزهار ممثل كتلة التغيير والإصلاح، فالسيد عباس لا يعترف بنتائج الانتخابات التشريعية، وهو الذي حلَّ المجلس، ولا ليستمع إلى كلمة حركة فتح التي ألقاها النائب المنتخب أشرف جمعة، فمجمل الكلمات التي ألقاها النواب الفلسطينيون في المؤتمر حملت المضمون نفسه، وإن اختلف شكل صياغة الجمل، وكلها تنادي بحرية شعب فلسطين، وتطالب بإنهاء الاحتلال.
تمنيت مشاركة السيد محمود عباس في الملتقى البرلماني الدولي ليستمع إلى الصوت الآخر، صوت البرلمانيين العرب، وهم يتحدثون بمزاج كل الأمة العربية والإسلامية بلسان النائب الكويتي أسامة الشاهين، هو يقول بصوت عربي: إن الشعب الفلسطيني لا يدافع عن أرض فلسطين فقط، وإنما يدافع عن كل الأمة ومقدساتها، وأحيي الشعب الفلسطيني الذي يعطينا الدروس، وهو يقدم التضحيات بلا وجل، وأن الكويت ستواصل العمل خدمة لفلسطين وشعبها.
هذا هو الصوت العربي الذي يشد من أزر القابضين على جمر رفض الاعتراف بدولة العدو، هذا الصوت لم يكن وحيدًا، فقد تحدث رئيس لجنة فلسطين بالبرلماني الماليزي سيد إبراهيم باللغة نفسها، وهو يقول: علينا العمل على كل المستويات المحلية والعربية والدولية من أجل محاسبة الاحتلال، ووقف جرائمه، وهذا ما أكده رئيس رابطة "برلمانيون من أجل القدس" النائب حميد الأحمر، وهو يقول: إننا نسخر طاقتنا للدفاع عن فلسطين وعن المسجد الأقصى، ولم يختلف هذا الانتماء مع كلمة رئيس لجنة فلسطين النيابية في البرلمان الأردني النائب محمد الظهراوي.
هذا الانتصار للحق الفلسطيني الذي يثير الانتباه، أكد عليه عضو البرلمان الإيرلندي ريتشارد باريت، وهو يقول: إن النواب الإيرلنديين سيواصلون العمل حتى يتم مقاطعة الاحتلال، مؤكدًا وجود زخم كبير في الشارع الإيرلندي دعمًا للشعب الفلسطيني، وبهذا المنطق المعادي للاحتلال تحدث معظم المشاركين في الملتقى، بمن فيهم النائب اللبناني قاسم هاشم، الذي أكد شراكة الشعب اللبناني للشعب الفلسطيني في التاريخ والمصير، مشددًا على أهمية الوحدة الوطنية ودعم المقاومة لتحرير فلسطين.
لقد لفت نظري أن هؤلاء البرلمانيين يتحدثون عن تحرير فلسطين، ولم يتحدثوا عن مفاوضات مع العدو الإسرائيلي، ولم يثمنوا التنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، هؤلاء البرلمانيون من العرب والمسلمين والدوليين تحدثوا عن فلسطين المقاومة، وعن جرائم الاحتلال، حتى وصل الأمر بعضو البرلمان التشادي النائب صالح مصطفى، إلى أن يقول: قضية القدس وفلسطين قضية كل مسلمي العالم والأحرار، وأننا مستمرون في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حتى زوال هذه الدولة الغازية الباغية المعتدية.
ما أروعكم أيها البرلمانيون، وأنتم تتحدثون عن زوال دولة العدو، لا عن التعايش معها، والاعتراف بها، وهذه هي لغة عشاق فلسطين، وكل أهل فلسطين؛ الرافضين الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني، إن صوتكم أيها البرلمانيون، لا يمثّل نسيًا منسيًّا، هذا الصوت هو رجع الصدى لمزاج الجماهير العربية والإسلامية والدولية الرافضة لوجود هذه الدولة، والتي تطالب بزوالها، وهذا ما أكده النائب في برلمان جنوب إفريقيا، النائب مانديلا مانديلا، حفيد الثائر نلسون مانديلا، وهو يهنئ الشعب الفلسطيني بالانتصار في معركة سيف القدس، ويطالب بتحقيق الوحدة الفلسطينية على أسس مقاومة الاحتلال، ومحاربة الوجود لهذه الدولة الغاصبة.
تمنيت لو شارك السيد محمود عباس في المتلقى البرلماني الدولي، كي يتعرف على شفافية وبراءة على الصوت الآخر، صوت الشعوب، صوت الجماهير التي تحاكي وجدان الشعب الفلسطيني، فإذا بكلمات النواب من الأردن وتونس وإيرلندا وفنزويلا واندونيسيا لا تقل وطنية وانتماءً ومصداقية ووفاء لفلسطين عن كلمات نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، المجلس الذي حله السيد عباس، كي يطلق يد الفاسدين، وكي تعيش فلسطين بلا برلمان منتخب، وبلا مقارعة للاحتلال على مفارق طرق المستوطنين الصهاينة.