الإمارات العربية المتحدة تفتح سفارة لها في تل أبيب، قد لا يثير هذا الخبر حفيظة من يستسهلون التطبيع مع العدو الذي يحتل أرض فلسطين. هم يستسهلون ذلك لأن نار الاحتلال لم تمس ثيابهم مباشرة. هم في غفلة عن نار الاستعمار، لأن ناره تحرق ثياب الفلسطينيين لا ثيابهم. غدًا عندما تشتعل نار يهود في مصالحهم، وتحرق مكائد يهود ثيابهم، ربما يفيقون من غفلتهم، ولكنها ستكون إفاقة بعد فوات الأوان، وبعد خراب مالطا كما يقولون.
تاريخ القضية الفلسطينية يحكي أن تصرفات العرب السلبية والتي ترقى بعضها إلى مستوى الخيانة كانت سببًا في نكبة فلسطين، وكانت سببًا في تعطيل مقاومة الشعب الفلسطيني للمحتل الغاصب، وهذا القول قول متواتر عليه وثائق، وعليه دراسات وتحليلات، ومع ذلك تجد الفلسطيني يتحدث عن أن قضيته قضية عربية وإسلامية، وتجده يستجدي المساعدة العربية، ولكنها مساعدة توقفت عند المساعدات الإنسانية والإغاثية.
أي إن قادة العرب لم يقوموا تاريخيًّا بعمل عسكري من أجل تحرير فلسطين، وحروبهم التي خاضوها مع (إسرائيل) لم تكن تهدف لتحرير فلسطين، لذا ضاعت بقية فلسطين (غزة والضفة والقدس) بعد حروبهم. وهم حين استردوا أرضهم العربية من المحتل لم يستردوا أراضي غزة والضفة والقدس منه.
هذا الفشل تجرعه الفلسطينيون سنوات وسنوات، وظلوا على حبهم للعرب، وعلى مدحهم لقادة الدول لا سيما في المملكة والخليج، وظل لهم أمل يداعبهم بنصرة الشعوب العربية لهم، ولكن المؤسف الآن أن قادة هذه الشعوب الطيبة يبيعون ما تبقى من فلسطين، ومن مصالح شعب فلسطين المحتل بثمن بخس لصالح حكومة المحتل الغاصب.
ومن هذه التجارة الفاسدة والرخيصة يأتي افتتاح الإمارات سفارة لها في تل أبيب، دون أدنى اعتبار لمشاعر الفلسطينيين، ودون اعتبار لمكانة المسجد الأقصى، وحق المسلمين في الدفاع عنه وتحريره من الاحتلال والتدنيس.
إن ما قامت به الإمارات العربية اليوم مؤسف حتى وإن كان استكمالًا لاتفاقية (أبراهام) المؤسفة. ليس من حق أي قائد عربي أن يقيم سفارة لبلادة في تل أبيب، لأن هذه الإقامة هي على حساب الحقوق الفلسطينية، والأمر الواقع لا يحول الغصب إلى حق، ومن لا يستطيع المساعدة في تحرير فلسطين، والمسجد الأقصى، يجدر به ألا يثبت الاحتلال ولا يعمقه، ولا يعطيه الشرعية العربية، ولا حجة لعربي هو سيد مستقل أن يحتج بما فعله عباس وعرفات من قبل، فقد أنكر جل الشعب الفلسطيني عليهم ما فعلوه.