دعت منسقة الأمم المتحدة الإنسانية لشؤون الأرض الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز السلطات الإسرائيلية إلى رفع كامل الإغلاقات "المنهكة" التي تفرضها على قطاع غزة، وأنه لا يمكن تلبية الاحتياجات الإنسانية دون إدخال كميات كبيرة من اللوازم، بما فيها المعدات ومواد البناء الضرورية لإسناد أعمال الترميم والأنشطة الإنسانية، وأكدت أنه ينبغي لدولة الاحتلال الإسرائيلي أن تفي بالتزاماتها التي يمليها القانون الدولي الإنساني عليها، فالمساعدات الإنسانية ليست معلقة على شروط.
نلاحظ أن المجتمع الدولي بدأ "يشعر" أكثر فأكثر بعمق الأزمة التي يعيشها سكان قطاع غزة، ولكنه ما زال يتعامل مع الحصار الإسرائيلي لغزة كأنه أمر يجب التعايش معه، أو أن جريمة الحصار لها ما يبررها، ولكن لا بد من إدخال بعض التحسينات لتخفيفه أو حتى لتجميله، فمطالبة منسقة الأمم المتحدة بالرفع الكامل للإغلاقات "المنهكة" قد تُفسَّر بأنها مع استمرار الحصار ولكنها ضد الإغلاقات المنهكة فقط، وأنها تدعم إدخال المواد الضرورية إلى قطاع غزة ومنع ما يعد غير ضروري، أو لا يدخل ضمن الإغاثة الإنسانية.
إن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة والإبادة المستمرة لسكانه جريمة حرب، ولا بد للمجتمع الدولي أن يتعامل مع هذه القضية على هذا الأساس. لم نسمع أي طرف ينتمي إلى المجتمع الدولي يطلق وصف جريمة على ما يجري في قطاع غزة، بل لم نسمع أي طرف عربي يفعل ذلك، وما داموا لم يسمّوا الأشياء بمسمياتها فهذا يعني أن جميعهم لا يريدون رفع الظلم عن غزة، بل هم متواطئون أو شركاء فعليون لدولة الاحتلال في جريمة حصار غزة.
على الجميع أن يدرك أن غزة أصبحت قريبة جدا من رفع الحصار عن نفسها بقوتها الذاتية، ورفع الحصار لن يكون مقابل موافقة المقاومة على حل الدولتين وفقا لاتفاقية أوسلو، ولن يكون كذلك مقابل ربط غزة بدولة أخرى مثل مصر، بل ستكون مرتبطة فقط ببقية الأراضي الفلسطينية، وكما هو متفق عليه فلسطينيا لن تكون هناك دولة فلسطينية في غزة، كما لن تكون هناك دولة فلسطينية دون غزة، بل ستكون غزة ضمن دولة فلسطينية على حدود 67 دون اعتراف بشرعية الاحتلال باعتبار أن اتفاقية أوسلو لم تعد قائمة، وإلى ذلك الحين فإن كل محاولات الالتفاف على الواقع الجديد وعلى انتصار غزة وأهلها ومقاومتها سيبوء حتما بالفشل.