غول الاستيطان الإسرائيلي يلتهم مدينة القدس المحتلة منذ احتلالها، وهو يزيد شراسة كلما رأى الاحتلال الوضعَ الدولي والعربي مهيأ لذلك، وتتركز حالياً محاولات تهجير المقدسيين في بلدة سلوان وأحيائها لكونها ملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، ورغبة الاحتلال في إضفاء "الطابع اليهودي" على المكان، ومن تلك الأحياء "وادي ياصول" الذي يواجه سكانه خطراً محدقاً بهم بعد عدم إنصاف قضاء الاحتلال لهم.
فمنذ عام 2004 وأهالي حي وادي ياصول يخوضون صراعا مع بلدية الاحتلال في المحاكم المختلفة، في محاولة بائسة للحصول على موافقة على تصاريح تراخيص البناء، تجنبا للهدم.
والحي الريفي الواقع في الأراضي الجنوبية الغربية لبلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك الذي كان يمر من خلاله ضيوف المسجد قديما عبر بوابة شيدت على أحد أطرافه، الذي يقطنه 725 نسمة يتعرض أكثر من 80 بيتا فيه لخطر الهدم، جزء منها مسجل في الطابو التركي، يعيش أصحابها حالة من القلق وعدم الاستقرار هذه الأيام.
خطر التهجير
المواطن أبو خالد الشويكي من حي "وادي ياصول" يواجه كغيره من سكان الحي خطر التهجير القسري من بيته الذي بناه منذ عام 1999 ليُفاجأ في عام 2007 بتسلّم قرار هدم، ومنذ ذلك الوقت وهو ينافح في أروقة محاكم الاحتلال غير العادلة.
يقول: "تلك السنوات سرقت من أعمارنا وأموالنا، إذ إننا نتكبد غرامات وتكاليف محاكم باهظة للحيلولة دون هدم بيوتنا، وفي الخامس عشر من هذا الشهر هناك جلسة محكمة للبت في أمر هدم بيوتنا".
فمنزل الشويكي يضم عشرة أشخاص مهددين بالتهجير في حال إقرار "أمر الهدم" حيث لا ثقة في قضاء الاحتلال الذي يدعي النزاهة، معتبراً أن المشكلة أساسها سياسي وليس قانونيا، إذ إن الاحتلال لا يمنح بأي حال من الأحوال لأي مقدسي رخصة بناء، ويسلم أوامر هدم للمقدسيين الذين يبنون منازلهم دون الحصول على رخصة بناء.
ويبين الشويكي أن سكان الوادي دفعوا "شقاء عمرهم" ثمناً للأراضي والبيوت وهم من الطبقة الفقيرة "أغلبهم عمال" وتكبدوا تكاليف باهظة للمحاكم وغرامات الاحتلال في محاولة للحفاظ على بيوتهم.
ويضيف: "سيكون الإخلاء – لا قدر الله – مصيبة، إذ سيكون الشارع مصيرنا، فأغلبيتنا غير قادرة على البناء ثانية فإما بناء خيمة في مكان البيت وإما الذهاب للاستئجار، نحن نواجه خطر التشرد دون أي معين أو نصير في هذا العالم".
تمديد شبكة قطارات
ويبين عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب أن وادي ياصول هو أحد أودية سلوان الملاصقة للمسجد الأقصى من الناحية الجنوبية الشرقية ويقع في الناحية الجنوبية الغربية لسلوان.
ويقول: "أهمية الوادي تكمن في ملاصقته لغرب القدس وهو في غالبيته منطقة شجرية وغابات، لذلك فالاحتلال يستهدفه لإقامة مشاريع تهويدية وحدائق توراتية، حيث أنشأ سابقاً "غابة السلام" في الوادي".
وأوضح أبو دياب أن الاحتلال يريد هدم بيوت المقدسيين فيه لكي يمدد شبكة القطارات من غرب القدس حتى منطقة "عين اللوزة" وصولاً لمستوطنات شرق القدس خاصة تجمع مستوطنات "معاليه أدوميم"".
ويتابع: "حالياً شبكة القطارات متوقفة حتى منطقة المالحة في غرب القدس "هجر الاحتلال سكانها عام 1948م"، وبتهجير أهالي وادي ياصول سيسهل ذلك وصول المستوطنين من داخل دولة الاحتلال وغرب القدس لمستوطنات شرق القدس".
وبين أن هدم عشرات المنازل في الحي يعني تهجير قرابة ألف نسمة، فقد تسلمت أكثر من 80 منشأة أوامر هدم حتى اللحظة، مؤكداً أن الاحتلال لا يعطي تراخيص بناء للمقدسيين في المنطقة بأي حال من الأحوال شأنها شأن بقية مناطق القدس المحتلة .
واستدرك بالقول: " لكن الأهالي دائماً يتقدمون للحصول على تراخيص من أجل سحب البساط من تحت أقدام الاحتلال رغم إدراكهم أنهم لن يحصلوا عليها (..) فالصراع القانوني في القدس طريق مغلق أمام الفلسطينيين ، لكنهم يسمحون لهم بخوضه لذر الرماد في العيون وكسب الوقت".
ومضى بالقول:" كما أن اللجوء للقضاء يمكن (إسرائيل) من الحصول على عشرات الألاف من الشواكل من المقدسيين، والظهور بمظهر دولةٍ القضاء يحكمها وكأن هناك "نزاعا قانونيا" بين الدولة والسكان في حين هو في الأساس خلاف سياسي".
وأشار إلى أن الاحتلال هدم 12 منزلاً في الوادي في السنوات الأخيرة، ما يستدعي حراكاً جماهيرياً يحسب له الاحتلال ألف حساب، وضغطاً سياسياً ودولياً؛ لكون التهجير العرقي والطرد جرائم يدينها القانون الدولي.