يبدو أن صلاحية حكومة محمد اشتية قد انتهت، وهي على وشك الخروج من الخدمة. مصادر إعلامية تقول إن الحكومة قد استنفدت وقتها وقدرتها على البقاء، وإن تداعيات قتل نزار بنات، والمظاهرات واسعة النطاق، وعدوان رجال أجهزة الأمن على المتظاهرين قد عجل بقرار الخلاص من حكومة اشتية، والذهاب إلى حكومة جديدة لا تحاصرها الجماهير المنتفضة لنزار وللصحفيات المعتدى عليهن.
قبل أيام زار سلام فياض غزة، ولم يلتقِ به رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، وفوض عضوا في المكتب عنه للقاء به، في إشارة إلى عدم استعداد حماس للتعامل معه كمرشح من أمريكا ومن عباس لتشكيل حكومة جديدة تشرف على إعادة الإعمار. غزة جلها ترفض عودة سلام فياض للحكومة لأن غزة ما تزال تعاني الحصار والعقوبات التي فرضها سلام فياض من خلال حكومته بُعَيد الانقسام في ٢٠٠٧م.
تعددت الأخطاء التي وقعت فيها السلطة بقيادة عباس، والحكومة بقيادة اشتية. عباس ألغى الانتخابات الفلسطينية بعذر القدس، وهو عذر لا يعدو أن يكون ستارا لأسباب أخرى، ومنها انقسام فتح، وتوقعات مؤكدة بخسارتها الانتخابات. عباس أجل الانتخابات ولم يحدد لها موعدا جديدا، ولا أظنه سيحدد لها موعدا قريبا، لأن أخطاء كبيرة هزت مكانته ومكانة حزبه، وبات الفوز في الانتخابات أمرا مستحيلا.
عباس وحكومة اشتية، وفتح، خسروا أصوات الأغلبية في الضفة الغربية بُعَيد اغتيال الأجهزة الأمنية نزار بنات، وتجاهل السلطة والحكومة لمطالب المتظاهرين، ومطالب عائلة بنات، ومؤسسات حقوق الإنسان. الشعب في رام الله خرج يطالب برحيل عباس. عباس سمع هذه المطالبة، ولكن ليس لديه رغبة في الرحيل، ولكن لا بأس عنده أن ترحل حكومة اشتية، فهذا أخف الضررين.
رحيل حكومة اشتية دون محاسبة القتلة وجهات القرار قد لا يوقف الاحتجاجات، وقد يبقى طلب الرحيل قائما. حكومة اشتية التي ارتكبت جريمة اللقاحات الفاسدة وغيرها تستحق الرحيل، وهي تستحق الرحيل لأنها ضعيفة أمام قادة الأجهزة الأمنية، ولأنها لاذت بالصمت والخرس عندما كانت غزة تحت القصف على مدى أحد عشر يوما.
انتفاضة الضفة، ضد قتل المعتقلين، وتعرية من يعري السلطة، كما يزعم رئيس المخابرات العامة، وتغلغل الفساد المالي والإداري وقمع الحريات الذي طال إيهاب بسيسو الوزير وموظفات في سفارة فلسطين في الخارج لأنهم انتقدوا قتل نزار بنات على وسائل التواصل الاجتماعي، يوحي بأن تقديم حكومة اشتية ككبش فداء لا يوقف الاحتجاجات التي تطالب بمحاسبة المتورطين في القتل وفي الفساد. الحل ليس برحيل الحكومة، بل الحل برحيل الفساد، وفي إجراء الانتخابات.