في خضم الأحداث الأخيرة التي لا تزال مشتعلة في الضفة الغربية المحتلة عقب اغتيال الأجهزة الأمنية المعارض السياسي نزار بنات، أعلن أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي قبل أيام، انسحاب حزبه من حكومة اشتية احتجاجًا على قتل بنات وقمع المتظاهرين المحتجين.
هذا الانسحاب يأتي في ظل الضعف السياسي الكبير الذي ضرب قواعد السلطة الفلسطينية ما جعلها منبوذة داخليًا وحتى خارجيًا، بعدما اقتصر دورها على الجانب الخدماتي والأمني فقط مع الاحتلال.
ونظرًا لأن الشعب الفلسطيني، ومعه الداعمون والاتحاد الأوروبي، فقد الثقة تمامًا بدور السلطة عقب اغتيال المعارض بنات، فإنها من المتوقع أن تُقدِّم قربانًا من أجل الخروج ببياض الوجه من هذه الجريمة التي أدانها القاصي والداني.
الضحية الأقرب ستكون محمد اشتية وحكومته، لكونه وزير الداخلية التي تنتمي لها الأجهزة الأمنية التي اغتالت أبو كفاح في منزله فجر الخميس الماضي، فمن المنتظر أن نسمع في الأيام المقبلة خبرًا مفاده إقالة أو استقالة الحكومة.
ولأن السلطة الفلسطينية تواجه أزمة سياسية تتعمق كل يوم، خاصة بعدما أفشلت حوارات القاهرة الأخيرة وأوصلتها إلى طريق مسدود، في حين حركة حماس تصول وتجول في الأقطار العربية مرحب بها رسميًا وشعبيًا، فإنها ستكون مضطرة هذه المرة لخطب ود حماس من أجل أن تخرج ببياض الوجه على الأقل.
وعلى ضوء ذلك، فقد ذكرت مصادر للعربي الجديد أن زيارة رئيس الحكومة السابق سلام فياض إلى غزة والتي استغرقت أيامًا جاءت لبحث إمكانية تشكيل حكومة جديدة، لكونه مستقلًا ومرغوبًا به دوليًا.
ووفق المصادر فإن كتاب التكليف لسلام فياض يجهزه أبو مازن، بعد أن أجرى لقاءت تشاورية معه ومع دول الإقليم حيال ذلك، في حين أن فياض يتكتم حاليًّا على أي تفاصيل ويرفض إعطاء التصريحات الصحافية.
وليس بعيدًا أن تكون رئاسة فياض للحكومة المنوي تشكيلها، قد طُرح في جلسات الحوارات الأخيرة للقاهرة، ومن الواضح أن فياض وبعد أكثر من 8 سنوات على استقالته يريد أن يظهر على الساحة كمنقذ للسلطة بعدما قدم رؤيته التي تشير تلك المصادر أنها تركز على الشأن الداخلي وإنهاء الانقسام، وإشراك حماس في تلك الحكومة.
ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا تم تذليل كل العقبات أمام فياض لتشكيل حكومة، لا سيما أن المصادر أكدت "أنه يريد صلاحيات كاملة وبشروطه"، حتى لا يصطدم مثل السنوات الماضية بمراكز القوى في حركة "فتح" التي تهيمن على المنظومة السياسية والمؤسساتية الفلسطينية.
ويبقى الأمر الأهم في ذلك هو موقف حركة حماس -لكونها الطرف السياسي الأقوى حاليًا في الساحة الفلسطينية ومعها بقية فصائل المقاومة- من تلك الورقة الأخيرة التي تستخدمها السلطة لمواراة سوأتها داخليًا وإعادة التمويل خارجيًا، خاصة بعدما أعرب مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان عن استيائه الشديد للسلوك "الوحشي" للأمن الفلسطيني ضد المتظاهرين برام الله وأن الاتحاد لن يتسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف ستكون السلطة مؤتمنة على القضية الفلسطينية بعد كل ما فعلته؟ وهل ستمنحها حماس طوق النجاة مجددًا؟